السياسة في المملكة العربية السعودية لا تعتمد على قيل وقال، وإنما تقوم على أسس ثابتة صالحة لكل زمان ومكان، سواء في الحرب أو السلم. فمنذ عهد جلالة المؤسس الملك عبد العزيز – يرحمه الله -، انتهجت المملكة سياسة معتدلة لا تتأثر بالغضب ولا بكثرة المساجلات الكلامية بين الدول، كما يحدث أحيانًا في هذا العالم الذي تتكاثر فيه المشكلات البينية، مما يؤثر على مصادر القرار، والذي ينعكس بدوره على حياة الشعوب.
وتبقى المملكة العربية السعودية علامة فارقة في نهجها وسياستها الخارجية، حيث تنتهج مع الدول الشقيقة والصديقة مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل في شؤون الغير، إلا بما يحقق التوازن والاستقرار وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، مع السعي الدائم لتحقيق أعلى معدلات الأمن والسلم الدوليين، بعيدًا عن المزايدات والعنتريات التي يلجأ إليها البعض.
السعودية تحتضن العالم بثقة وهدوء
اليوم، تحتضن السعودية العالم بكل هدوء وثقة، عبر تنظيم العديد من اللقاءات والقمم، انطلاقًا من الرياض، عاصمة القرار العالمي، ومن مكة والمدينة، حيث تجمع المملكة بين الدين والدولة، وبين النظام ورفع درجة الاحترام بين الأشقاء والأصدقاء. ومن هذا المنطلق، وفي ظل هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها العالم، تعلن المملكة ترحيبها بالقمة الكبرى التي قد تجمع بين قطبين عالميين مؤثرين، حيث أشادت بالمكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتاريخ 12 فبراير 2025، والتي تم الإعلان خلالها عن إمكانية عقد قمة تجمع بين القائدين في الرياض.
وقد أعربت المملكة عن ترحيبها بعقد هذه القمة، مؤكدةً مساعيها الحميدة لحل النزاع الروسي الأوكراني بالسياسة وليس بالحرب. كما أن سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – سبق وأن أجرى اتصالات مع بوتين وزيلينسكي، بهدف تقريب وجهات النظر وإبداء استعداده للتدخل بما يحقق السلم ويحفظ الدولتين وشعبيهما من ويلات الحروب، التي لا يمكن أن تكون حلًّا لأي قضية خلافية.
واليوم، يتحقق هذا الهدف مع اتفاق الرئيس الأمريكي، وسمو ولي العهد، والرئيس بوتين على عقد هذه القمة لمناقشة هذه القضية، وربما قضايا أخرى لم يفصح عنها الاتصال أو البيان، لكنها تشغل الرأي العام العالمي في الشرق والغرب.
المملكة.. ريادة في السلام والتنمية
تحتل المملكة العربية السعودية اليوم الصدارة بين الدول المحبة للسلام، وهذا الاختيار العالمي لعقد هذه القمة هو دليل ساطع على مكانتها في العالمين العربي والإسلامي، ودورها ضمن مجموعة العشرين المؤثرة في الاقتصاد العالمي، فضلًا عن دورها الفاعل في محاربة الفساد والإرهاب، الذي دمر العديد من الدول عندما غابت عنها الشفافية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
واليوم، وبقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله -، تحقق المملكة أعلى معدلات التنمية المستدامة في الداخل، وأعلى معدلات التواصل السياسي الآمن عربيًا وإقليميًا وعالميًا، من خلال الوسطية والمرونة الدبلوماسية، إلى جانب المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى رأب الصدع بين الأشقاء والأصدقاء.
وهكذا، تحولت الرياض إلى وجهة سياسية واقتصادية عالمية، حيث احتضنت العديد من المؤتمرات الناجحة، واليوم يتطلع العالم إلى هذه القمة المزمع عقدها في الرياض، آملين أن تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وتعزيز التعايش السلمي، وتحفيز الدول على التوجه نحو البناء والتنمية بدلًا من الدمار والحروب.
انعطاف قلم:
من أشهر مقولات الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله -:
“إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تمامًا أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، مؤمنين بقول الله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، وستتحول هذه الأزمة إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان واحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية.”