قبل البدء بسكب ما توافر من محبرتي، التي كادت تجف تكاسلًا مني، لنقف دقائق معدودات على مداخل ومخارج مكة المكرمة، لنشاهد الكم الهائل من وسائل النقل القادمة والمغادرة للبلد الحرام، بأعداد تتجاوز المعهود في كثير من مناطق المملكة، لا سيما ونحن في شهر رمضان الفضيل، ومع تنامي أعداد الزوار والمعتمرين وفق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله بعناية وحرص.
هذه الرؤية تهدف إلى تحقيق استيعاب مليوني للزوار والحجاج والمعتمرين، وذلك يتماشى مع الإنفاق السخي على تأهيل البنية التحتية التوسعية، حيث تشارك جميع الوزارات المعنية في الدولة في تنفيذ المشاريع التنموية، التي تواكب هذا الحدث بما يضمن راحة وسلامة قاطني مكة المكرمة وقاصديها من مختلف أقطار العالم.
والحديث هنا عن مكة المكرمة وجغرافيتها وما تشهده من مشاريع جبارة، بدءًا بالتوسعة المباركة للمسجد الحرام والطرقات المؤدية إليه، مرورًا بـمشروع قطار الحرمين وحافلات النقل العام، التي أثبتت فعاليتها في تخفيف الازدحام على الطرقات، إضافةً إلى مشروعات إزالة العشوائيات، وجهود أمانة العاصمة المقدسة في الحفاظ على البيئة وتعزيز التطور العمراني، وذلك للارتقاء بالمنطقة والتوسع في المخططات السكنية والأبراج المؤهلة، بما يتناسب مع الكثافة السكانية والأعداد المليونية من زوار مكة المكرمة من الحجاج والمعتمرين.
ولا يمكن إغفال الأعداد المهولة للمركبات الخاصة وسيارات الأجرة والشاحنات بجميع فئاتها، سواء الخاصة بنقل الركاب أو المياه أو التغذية أو معدات البناء، والتي تعد جزءًا أساسيًا من متطلبات التنمية الإنشائية للعاصمة المقدسة. كل هذه التغيرات على المساحة الجغرافية المحاطة بالجبال الشاهقة استدعت توسعًا متناميًا في إنشاء العديد من الأنفاق والجسور، التي تسهم في تسهيل الوصول إلى المسجد الحرام والمنطقة المركزية.
أما الجهود الأمنية، فهي حجر الأساس في الحفاظ على الأمن والسلامة، إذ نرى دوريات الأمن العام، والمرور، والدفاع المدني تعمل على مدار الساعة، منتشرة على جوانب الطرقات ونقاط الفرز المتعددة، لتسهيل حركة السير وفك الاختناقات المرورية في المناطق المركزية وغيرها، مما يسهم في الحفاظ على أمن وسلامة الإنسان، الذي تعده المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله، من أساسيات الخطط التنموية المتعاقبة، تحت شعار (الإنسان أولًا).
ولا يفوتنا الحديث عن الجهود الصحية والتجارية والكهربائية، إذ تعد الصحة والغذاء من أساسيات الحياة. كما أن وزارات الداخلية، والخارجية، والحج والعمرة، وشؤون الحرمين الشريفين لها دور بارز في إدارة الحشود وتنظيمها، وذلك عبر كوادرها وخبراتها التراكمية، من خلال برامج ومنصات تقنية متطورة، وفرق ميدانية متخصصة، تضمن لقاصدي البلد الحرام أداء مناسكهم بسهولة ويسر.
وفي الختام، نسأل الله أن يحفظ المملكة قيادةً وحكومةً وشعبًا، وجميع بلاد المسلمين.