قبل ثلاث سنوات فقط، كان نيوكاسل يونايتد يعيش أحد أسوأ فتراته في العصر الحديث. الفريق كان قريبًا من الهبوط، يعاني من مشكلات مالية وإدارية، وجماهيره فقدت الأمل في استعادة أمجاده السابقة. لكن في أكتوبر 2021، تغيرت المعادلة تمامًا، عندما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على النادي، ليبدأ مشروعًا استثنائيًا أعاد نيوكاسل إلى القمة بطريقة مذهلة.
عندما استلم صندوق الاستثمارات نيوكاسل، كان الفريق في وضع مأساوي، قابعًا في مراكز الهبوط، ومع وجود مدرب لا يلبي طموحات الجماهير. لكن الإدارة الجديدة تحركت بسرعة، فجلبت المدرب إيدي هاو، وهو قرار لم يكن مثيرًا للضجة حينها، لكنه أثبت أنه أحد أفضل قرارات النادي.
تحول نيوكاسل بسرعة مذهلة، فبعد أن كان يصارع للنجاة من الهبوط، أنهى موسمه الأول في منتصف الترتيب، وهو تقدم كبير بالنظر إلى نقطة البداية. ثم في الموسم التالي، لم يكتفِ بالبقاء فقط، بل نافس بقوة على المقاعد الأوروبية، ونجح في تحقيق المركز الرابع، ليعود إلى دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عامًا.
أحد أكثر الجوانب التي أثارت الإعجاب في مشروع نيوكاسل هو أن الفريق لم يعتمد على سياسة الإنفاق الضخم التي اتبعتها أندية أخرى بعد الاستحواذ عليها. بل على العكس، كان نيوكاسل أكثر حذرًا من أندية مثل مانشستر يونايتد، تشيلسي، وتوتنهام، ومع ذلك تفوق عليهم.
نجحت الإدارة في استقطاب لاعبين بأسعار معقولة، مثل برونو غيماريش، سفين بوتمان، وألكسندر إيساك، وهم لاعبون زادت قيمتهم السوقية بشكل كبير منذ وصولهم. هذا النهج الذكي في التعاقدات جعل نيوكاسل نموذجًا ناجحًا في سوق الانتقالات، حيث يتم تحقيق التوازن بين الجودة والسعر المناسب.
بعد عقود طويلة من الانتظار، تمكن نيوكاسل أخيرًا من كسر نحسه ورفع أول لقب له منذ 70 عامًا. الفوز بلقب كبير لم يكن مجرد إنجاز رياضي، بل كان تتويجًا لرحلة استثنائية بدأت قبل ثلاث سنوات فقط.
هذا اللقب لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة عمل إداري منظم واستراتيجية طويلة المدى. لم تكن هناك قرارات عشوائية أو إنفاق غير محسوب، بل كان هناك تخطيط، استقرار إداري، وعقلية انتصارية زرعها صندوق الاستثمارات السعودي داخل النادي.
في البداية، كان هناك الكثير من الشكوك حول المشروع الجديد، لكن مع مرور الوقت، تحول نيوكاسل إلى قصة نجاح تحظى باحترام الجميع في إنجلترا. الإعلام الإنجليزي، الذي كان متحفظًا في البداية، بدأ بالإشادة بالطريقة التي أدار بها صندوق الاستثمارات النادي، خاصة أن النجاح لم يعتمد على القوة المالية فقط، بل على التخطيط الذكي والإدارة الحكيمة.
اليوم، ينظر الجميع إلى نيوكاسل على أنه نموذج مثالي للاستثمار في كرة القدم، وكيف يمكن لإدارة ناجحة أن تحول نادٍ كان قريبًا من الهبوط إلى فريق ينافس في دوري الأبطال ويحقق الألقاب، وكل ذلك دون اختراق قواعد اللعب المالي النظيف أو إنفاق مبالغ ضخمة.
ما تحقق حتى الآن ليس سوى البداية. نيوكاسل الآن على الطريق الصحيح ليصبح قوة دائمة في كرة القدم الإنجليزية والأوروبية. مع الاستقرار الإداري، المدرب الكفء، والعقلية الاحترافية، يبدو أن هذه فقط بداية حقبة جديدة من النجاح لهذا النادي العريق.
قصة نيوكاسل وصندوق الاستثمارات ليست فقط عن كرة القدم، بل عن الإدارة الناجحة، التخطيط الذكي، والقدرة على بناء فريق منافس بميزانية مدروسة. لقد أثبتوا أن النجاح لا يعني فقط إنفاق الأموال، بل كيفية استخدامها بطريقة تحقق الاستدامة والتفوق في نفس الوقت.