في عصر عالمنا الحديث الذي تتسارع فيه المتغيرات العصرية أصبحت حياتنا العلمية والعملية والترفيهية مرتبطة بما يسمى العالم الافتراضي فمع التطور والتقدم التكنلوجي ازادت الحاجة لمواكبة ذلك التقدم الذي أثر سلباً على نمط تعاطينا وتفاعلنا معه في حياتنا المعيشية في ظل غياب الوعي عن المخاطر الاجتماعية والأمنية والوطنية الامر الذي يتطلب وعياً جماعياً جاداً وحاضراً وحلولاً فعالة للوقاية من المخاطر المحتملة وقبل استعراض ذلك لابد من تعريف مفهوم العالم الافتراضي ومعرفة التحديات والسلبيات على الفرد والاسرة والمجتمع وكذلك معرفة الهاجس الأمني والاجتماعي والوطني وماهي الافرازات السلبية المستقبلية على جودة الحياة وماهي الحلول الوقائية الممكنة التي تسهم في الوقاية من الاخطار المحتملة.
أولاً: تعريف مفهوم العالم الافتراضي
وبكل بساطة هو استخدامنا للأجهزة الذكية وتفاعلنا مع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها المختلفة والمتنوعة بصالحها وطالحها والذي يخلق لنا بيئة اصطناعية جاذبة مفتوحة على مصراعيها بدون قيود من السهل الوصول اليها لكلاً من الفرد والاسرة والمجتمع وتسمى أيضاً بالبيئة الرقمية.
وبالرغم من أن العالم الافتراضي (البيئة الرقمية ) يتمتع بالكثير من المزايا والفوائد التي لا يمكن حصرها والتي تتيح لمستخدميه إمكانية التواصل والتفاعل مع بعضهم او من خلال البحث والدراسة في مناهج العلم والمعرفة والثقافة بمختلف المجالات العلمية والبحثية وعلوم الاختراع والابتكار والاستكشاف وكل علوم التدريب وتطوير وتنمية القدرات والمهارات والترفيه الا ان له الكثير من التحديات والسلبيات التي تؤثر تأثيرا خطيراً على حياة الفرد والاسرة والمجتمع على المدى الحاضر والقريب والمستقبل وهذا الامر يعد هاجس امني واجتماعي ووطني يحتاج وقفة تفكر وتدبر للأثار والمخاطر السلبية والعمل على دراسة الحلول الفاعلة لها.
ثانياً: التحديات والسلبيات والتي تتلخص في:
1. الادمان الرقمي او الالكتروني وهو ملازمة التعود على الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية وإهدار الوقت حيث يصبح عادة متأصلة تؤثر سلباً على الحياة الخاصة والعامة للمستخدم وتتأثر معها المصالح الحكومية والأهلية والاجتماعية.
2. التفكك الاسري والاجتماعي من خلال فقدان الاسرة لرابطة العلاقة بينهم نظرا للعزلة اللحظية حتى وان كانوا مجتمعين وهي العزلة التي يعيش فيها كل فرد في عالمه الافتراضي الاصطناعي الذي يجد فيه ما لا يجده في اسرته من خلال التنقل في محتوى بعض المشاهير والاثرياء والتغلغل في خصوصياتهم التي يشعر فيها وكأنه واحدا منهم في حفلاتهم وتنقلاتهم وسفرهم فيزداد تعلقه بهم ويصبح محتواهم ملاذاً للهروب من الواقع الذي يعيشه فتبدأ أحلامه بإثارة عوامل المقارنة بين حاله وحال الواقع الذي يشاهده من بذخ ورفاهية وتجرد من المبادئ والقيم وانسلاخ للاخلاق مما يؤدي الى الإحباط والاكتئاب فينعكس ذلك على الحالة النفسية والصحية التي تفرز كوارث خطيرة تلقي بظلالها على التماسك والترابط الاسري وبالتالي تؤثر في المبادئ والقيم الاجتماعية وتحدث خلل في منظومة التحصيل والتقدم العلمي وتأثر الإنتاجية والأداء الوظيفي في شتى المجالات.
ثالثاً: الهاجس الأمني والاجتماعي والوطني.
1. الهاجس الأمني: حيث يشكل العالم الافتراضي مخاطر أمنية منها:
أ. انخفاض مستوى الوعي بوسائل الاحتيال والاختراق الاليكتروني
ب. تنوع وتطور أساليب الاحتيال من خلال استنساخ وتقليد روابط وتطبيقات المنصات الحكومية والمنصات المالية والقطاعات الخدمية.
ت. سرقة البيانات الشخصية والرسمية والبنكية التي يمكن أن يساء استخدامها وتؤدي الى وقوع أصحابها تحت طائلة المسائلة القانونية في جرائم محلية او دولية ولا سيما تحويل وغسيل الأموال في عمليات مشبوهة.
2. الهاجس الاجتماعي من خلال:
أ. استخدام حسابات مزيفة لنشر الشائعات الكاذبة والمظللة وخلق أسباب النعرات العنصرية التي تؤدي الى اثارة العداوة والبغضاء والانقسام والتفكك كما نشاهد في بعض برامج التواصل في المجالات الرياضة والثقافية والفنية.
ب. الإثارة والتأليب ضد ولاة الامر حفظهم الله وضد أنظمة الدولة رعاها الله وضد بعض الخدمات.
ت. استدراج الشباب والمراهقين والسذج للوقوع في كمائن السلوكيات الأخلاقية والأدبية التي تنشط معها أدوات التنمر والابتزاز المختلفة.
3. الهاجس الوطني
أ. تطور وتقدم وسائل الهجمات السيبرانية وارتباط الحوكمة بالمنصات الحكومية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية في ظل غياب الوعي الوظيفي والتقصير أو الإهمال.
ب. تحديات الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية في ظل انفتاح وتطور العولمة الرقمية لمجموعة واسعة من الثقافات العالمية التي قد تتعارض مع المبادئ والقيم والعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية والوطنية التي قد تؤثر في مفاهيم الولاء والوطنية.
رابعاً : الافرازات السلبية المستقبلية على جودة الحياة
1. صحيا: تفشي امراض السمنة وامراض العيون وفقرات العنق والعمود الفقري بسبب الجلوس وطول فترة الاستخدام.
2. نفسياً: ارتفاع معدلات امراض القلق والاكتئاب الإحباط بسبب العزلة والافراط في المقارنات الاقتصادية والاجتماعية والكمالية.
3. اجتماعياً: ضعف الروابط الاسرية والعلاقات الاجتماعية وازدياد الخلافات الاسرية وارتفاع معدلات الطلاق وما لذلك من تبعات سلبية.
4. اقتصادياً :
أ. ركود اقتصادي بسبب زيادة معدل البطالة نتيجة الأتمتة جراء فقدان بعض الوظائف لصالح الذكاء الاصطناعي.
ب. عزوف الشباب عن الزواج وارتفاع معدلات الجريمة بسبب البطالة وبسبب مقارنات ومحاكات العالم الافتراضي.
خامساً الحلول الوقائية للمخاطر المحتملة
1. على مستوى الفرد
أ. تنمية وتطوير الوعي الرقمي والالتزام بتحديد أوقات الاستخدام
ب. ممارسة الأنشطة الواقعية باستمرار ودون انقطاع.
2. على مستوى الاسرة
أ. تنمية وتقوية الروابط الاسرية وتعزيز أدوات المشاركة والحوار
ب. ترسيخ وتنمية الوعي بمخاطر العالم الافتراضي وفرض احترام قواعد وضوابط أوقات استخدام الأجهزة الرقمية ومشاركة المسؤولية الجماعية في الاسرة للتوعية والمتابعة.
3. على مستوى المجتمع
أ. تعزيز وسائل التوعية عبر وسائل الاعلام والمؤسسات التعليمية والدينية حول الاستخدام الامن لوسائل التواصل الاجتماعي.
4. على مستوى الوطن
أ. تعزيز وسائل التوعية بشروط وتعليمات الامن السيبراني
ب. اطلاق جوائز وطنية لأفضل محتوى توعوي عن مخاطر العالم الرقمي.
ت. تكريم المميزين والمؤثرين من عناصر الاقران في تقديم التوعية
الخاتمة
العالم الافتراضي له فوائد عظيمة في شتى المجالات ولا يستغنى عنه ولكنه سلاح ذو حدين يحتاج الى إدارة واعية وحكيمة للوقاية من أخطاره ويكون التعامل معه بحذر وتوازن بحيث يستافد من ايجابياته وتلافي سلبياته فالوعي والتنظيم والالتزام يحقق الفوائد المرجوة دون أي أخطار وحفظ الله بلادي وقادتها وشعبها من كل سوء ومكروه ودام عز الوطن