المحليةالمقالات

الإعلان عن الإخفاق شجاعة

[ALIGN=RIGHT][COLOR=crimson]الإعلان عن الإخفاق شجاعة[/COLOR][/ALIGN]

لجينيات ـ يعتقد بعض الناس أن الإخفاق في أي أمر من الأمور عيب وعار على صاحبه يلزمه حتى الممات، وأن حياة الناجحين لا بد أن تكون خالية من أية إخفاقات، هذا التوقع الخاطئ يدفع هؤلاء الناس إلى الخوف من الفشل والإخفاق؛ فإما أن يتوقفوا عن العمل والإنجاز خشية الإخفاق، أو يبذلون ويحاولون وإذا ما أخفقوا حاولوا ستر إخفاقاتهم وفشلهم بذرائع ملتوية وحجج واهية وأعذارٍ باردة، ويترفعون عن الإعلان عن إخفاقاتهم وفشلهم مهما كلّف الأمر من تزويق وتنميق وتلميع وتدليس؛ لاعتقادهم أن هذا الإعلان سيحطُّ من أقدارهم وسيجعل الناس ينظرون إليهم بعين الريبة والاحتقار ..

كل الناجحين المبدعين يمرون بسلسلة من الإخفاقات، سواء على مستوى حياتهم الشخصي أو على مستوى أعمالهم ومهامهم التي يقومون بها، وفي كلا الأمرين يظل الإعلان عن الإخفاق والاعتراف بالفشل صعباً لمن لم يدرك أهميته وثمراته ويقيس الأمور بمنطق أن الفشل طريق النجاح، ومن هنا نجد من النادر على مستوى الأفراد والشخصيات من يتحدث عن إخفاقاته في الحياة أو التعليم أو عن عثراته في نيل مطالبه ورغباته في الوقت الذي نجد آلاف المتحدثين عن أعمالهم وإنجازاتهم مهما صغرت وقلّت، وحتى على مستوى المهام والأعمال فمن النادر أن نسمع لمسؤول أو صاحب شركة أو صاحب منتج أنه فشل في تحقيق أهدافه، أو يقوم بالإعلان عن عجزه وعدم قدرته في تحقيق ما يريد، ومردّ ذلك راجع إلى نظرتهم السيئة لفلسفة الإخفاق أو الخطأ أو لضعف شجاعتهم من الإعلان عن هذا الإخفاق ..

في الحرب العالمية الثانية تمكن وارنر فون براون من تطوير صاروخ خطط الألمان لاستخدامه في قصف لندن؛ لكن الصاروخ لم يكن جاهزاً للعمل فكل تجارب إطلاقه كانت فاشله، فاستدعاه رؤساؤه الألمان للمثول أمامهم لمواجهته بعد أن وصل عدد ما ارتكبه وارنر من أخطاء (65121 خطأ) فسألوه: كم عدد الأخطاء الأخرى التي ستقع فيها حتى تتمكن من صناعة هذا الصاروخ على النحو الأكمل؟! فأجابهم: إنه ربما سيقع في 5000 خطأ آخر وبعدها قد ينجح في تصنيعه !! وفي النصف الثاني من الحرب العالمية الثانية ضربت ألمانيا أعداءها بقذائف “وارنر” ذاتية الدفع إذ لم تكن هناك أية دولة تمتلك هذا السلاح. وهذا مكتشف المصباح الكهربائي أديسون الذي أضاء العالم باكتشافه كان عندما يفشل أثناء تجاربه للمصباح يقول: أصبحت الآن أعرف طريقة أخرى لا يمكن أن يعمل بها المصباح الكهربائي !! وكان يقول كل خطوة فاشلة هي خطوة للنجاح.

لنعود إلى أنفسنا وأعمالنا ونتساءل: كم مرة تمثلت الشجاعة فينا فاعترفنا بأننا أخفقنا في إنجاز أمر ما ؟! وكم مرة بلغت شجاعتنا منتهاها فأعلنّا عن إخفاقاتنا أمام الملأ ؟! وكم مرة عدنا إلى أنفسنا وعدّدنا معها أخطاءنا وعثراتنا وإخفاقاتنا لكي نعرف موطن الخلل ونقوّمه ونركب مركب الناجحين الطامحين ؟! أسئلة كثيرة تكشف جبننا عن مواجهة بعض الحقائق الواضحة في حياتنا وتعاملنا مع أعمالنا وأهدافنا، ويبقى الاعتراف بالفشل والإعلان عن الإخفاق أياً كانت أسبابه من سمات الشجعان النابهين، وهم وحدهم الجديرون بالاحترام والتقدير، وهم من سيصلون إلى مراميهم، وتظل القيعان مأوى الفاشلين الذين يلبسون ثياب الناجحين على الدوام والمتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور .

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صلاح عبدالشكور – مكة المكرمة[/COLOR][/ALIGN]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى