هاهي اليابان؛ الدولة الراقية علمياًً، والمتقدمة تقنياً ، والمتطورة صناعياً؛ لم تستطع أن تحمي أراضيها من الزلزال الذي أصابها قبل أيام، والذي خلف الآلاف من القتلى والمشرَّدين، وتسبب في دمار المساكن والممتلكات، وأشاع الرعب في العالم؛ بسبب مخاطر المفاعلات النووية المتضررة .
اليابان دولة قوية اقتصادياً، لديها تدابير كبيرة، واحتياطات شديدة؛ يحرصون عليها عند إنشاء بيوتهم ، وبناء منشآتهم، ففي أسفل كل بناية متعددة الأدوار؛ يوجد نظام بناء يجعلها تتمايل عند حدوث الزلال ولا تسقط، اليابان جزيرة معرضة للاختفاء مع مرور الوقت (كما يذكرون) ، فهي محاطة بالماء من جميع الجوانب، وقيل إنها كانت جزءاً من الصين، وانقسمت نتيجة الزلازل .
“[COLOR=green]وخلق الإنسان ضعيفاً[/COLOR]” (النساء: 28)؛ فمن يشاهد مقاطع الفيديو المنزلة عن هذه الكارثة؛ سيرى مئات المنازل والسيارات والقوارب والطائرات، التي جرفها الطوفان، وهي تتقلب فيه كقطع الفلين ، ولا مغيث لهم ولا نصير، وهي مناظر تؤكد أن الدول مهما بلغت من العلم والقدرة، والسلطة والقوة ، والمكانة والسمعة؛ فهي ضعيفة أمام قدرة الله تعالى وقوته، عاجزة عن ردّ عذابه ونقمته ، “[COLOR=green]وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ[/COLOR]” [العنكبوت:22].
رأوا أن الزلزال الذي وقع؛ كان نتيجة أنشطة بركانية، واهتزازات أرضية أسفل البحر، مما تسبب ذلك في حدوث أمواج عالية تسمى (تسونامي)، وهو يشبه ذلك الذي وقع في المحيط الهندي عام 2004م، ونتج عنه وفاة ما يقارب ربع مليون نسمة، وما علم هؤلاء أن الزلزال جند من جنود الله تعالى، وآية من آياته ؛ يرسله تخويفاً للكافرين، وابتلاء للمؤمنين، وعتاباً للمقصرين والمذنبين، قال الله تعالى “وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً” [الإسراء:59] .
“[COLOR=green]إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى[/COLOR]” [النازعات:26]، ففي المحنِ والمصائِبِ؛ يشعر المسلم بجلال الخالق وعظمتِه، وسلطانه وجبروتِه، ويدرك أنه مخلوق ناقص قاصر ضعيف عاجز، وأن الدنيا التي يحرص عليها؛ معرَّضَة للزوال، صائِرةٌ إلى الفناء، المؤمن الحق؛ من إذا سمع بالزلزال ؛ تذكر يوم الزلزلة الكبرى (يوم القيامة)، والذي فيه تذهَل المراضع، وتضَع الحوامل، وتشيبُ الولدان، موقف عظيم؛ لن يسلم منه إلا من بذل أسباب النجاة، قال تعالى: “[COLOR=green]يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ[/COLOR]” [الحج:1، 2].
إن ما وقع في بلاد اليابان؛ يذكرنا بما حدث في بلادنا قبل فترة ؛ زلزال قرية العيص ـ قرب المدينة المنورة ـ ، والذي أصابنا منه قلق وهلع، وشلل وخلل، ليس الأول ولن يكون الأخير، فنحن لدينا مخاطر زلزالية أخرى، كالمناطق القريبة من خليج العقبة، والمدن الواقعة بالقرب من ساحل البحر الأحمر، والمدن القريبة من الحرات البركانية ؛ ذكر ذلك الدكتور/ طلال مختار ،أستاذ علم الزلازل في جامعة الملك عبدالعزيز بصحيفة الحياة، وهذا يحتاج منا إلى عمل الدراسات والبرامج اللازمة للنشاط الزلزالي في المملكة، كما يلزمنا قبل هذا ؛ التوبة إلى الله سبحانه , والإكثار من ذكره واستغفاره ، والضراعة إليه، وسؤاله العافية والسلامة, كان مما قاله صلى الله عليه وسلم عند الكسوف : ( فإذا رأيتم ذلك ؛ فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره ) متفق عليه.
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د.عبدالله سافر الغامدي ـ جده[/COLOR][/ALIGN]