مكة المكرمة / 29 رجب 1432هـ
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل وأكد أن تقوى الله هي خير الزاد ذخرا.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام : " مذ كان الأدب في الناس والناس يكسون به فعالهم وكلامهم عند مخاطبة العظماء وملاقاتهم ، وخير الناس خلقا أحسنهم أدبا ، ودين الإسلام يعلمنا في الصلاة التي هي عمود الدين وأشرف العبادات لله رب العالمين أن نتوسل إلى الله بأجمل التحايا وأن تلهج ألسلتنا بأطيب العبارات وأزكى الكلمات ، ومن أكرم من الله ، ومن أعظم من الله ، وتأمل كيف تتحرك جميع أعضاء المصلي وجوارحه في الصلاة عبودية لله ، خشوعا وخضوعا ، فإذا أكمل المصلي هذه العبادة وقبل أن يسلم انتهت حركاته وختمها بالجلوس بين يدي ربه تعالى ، جلوس تذلل وانكسار وخضوع لعظمته عز وجل كما يجلس العبد الذليل بين يدي سيده ، وجلوس الصلاة أخشع ما يكون من الجلوس وأعظمه خضوعا وتذللا ، وأذن للعبد في هذه الحال بالثناء على الله تبارك وتعالى بأبلغ أنواع الثناء وهو التحيات لله والصلوات والطيبات ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ( كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصلاة قلنا السلام على الله من عباده السلام على فلان وفلان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد صالح في السماء أو بين السماء والأرض ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعوا به ) ".
وأضاف فضيلته : " من عادة الناس إذا دخلوا على ملوكهم أن يحيوهم بما يليق بهم تعظيما لهم وثناء عليهم والله أحق بالتعظيم والثناء من كل أحد من خلقه ، وفي التشهد يجمع العبد أنواع الثناء على الله عز وجل وأجمل عبارات الأدب والتحية ، والتحيات جمع تحية ، والتحية هي التعظيم ، فكل نوع من أنواع التحيات الطيبة فهو لله ، والتحيات على سبيل العموم والكمال والإطلاق لا تكون إلا لله عز وجل ، وهو سبحانه أهل للتعظيم المطلق ، فالعظمة والملك لله والصلوات لله وهو شامل لكل ما يطلق عليه صلاة لغة أو شرعا من الدعاء والتضرع والرحمة ، فالصلوات كلها لله لا لأحد سواه ، والدعاء أيضا حق لله عز وجل كما قال سبحانه(( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) فكل الصلوات والأدعية لله ".
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن الطيبات هي الأعمال الزكية ، ما يتعلق بالله وما يتعلق بأفعال العباد ، فما يتعلق بالله فإن له من الأوصاف أطيبها ومن الأقوال أطيبها ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا )) ، فهو سبحانه طيب في كل شيء ، في ذاته وصفاته وأفعاله ، وله أيضا من أعمال العباد القولية والفعلية الطيب ، فإن الطيب لا يليق به إلا الطيب ، ولا يقدم له إلا الطيب ، وقد قال عز اسمه (( الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات )) فهذه سنة الله عز وجل لا يليق به إلا الطيب من الأقوال والأفعال الصادرة من الخلق ، ((إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)) . فكانت الطيبات كلها له ومنه وإليه ، له ملكا ووصفا ، ومنه مجيئها وابتداؤها ، واليه مصعدها ومنتهاها ، ولما أتى بهذا الثناء على الله تعالى التفت إلى شأن الرسول الذي حصل هذا الخير على يديه فسلم عليه أتم سلام مقرونا بالرحمة والبركة ، فيقول المتشهد ـ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ـ والسلام اسم الله عز وجل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله هو السلام ) وقال عز وجل (( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام )) فيكون المعنى أن الله تعالى يتولى رسوله صلى الله عليه وسلم بالحفظ والعناية ، والسلام أيضا بمعنى التسليم كما قال عز وجل (( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )) فهو دعاء وتحية ، ثم يسلم المتشهد على نفسه وعلى من معه من المصلين والملائكة الحاضرين ، وقيل بل جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك بقوله ـ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ـ وعباد الله الصالحون هم كل عبد صالح في السماء والأرض من الآدميين والملائكة والجن من الأحياء والأموات ، وعباد الله هم الذين تعبدوا لله وتذللوا بالطاعة امتثالا لأمره واجتنابا لنهيه ، وأشرف وصف للإنسان أن يكون عبدا لله لا عبدا لهواه ، فإذا سمع أمر ربه قال سمعنا وأطعنا ، وعباد الله الصالحون هم الذين صلحت سرائرهم وظواهرهم بإخلاص العبادة لله ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم ختم هذا المقام بعقد الإسلام وهو التشهد بشهادة الحق والتوحيد ـ أشهد أن لا إله إلا الله ـ ولا إله إلا الله كلمة التوحيد التي بعث الله بها جميع الرسل كما قال تعالى (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فعبدون )) ومعناها لا معبود بحق إلا الله ، ثم يقول المتشهد ـ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ـ فرسول الله هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي بعثه الله عز وجل بمكة المكرمة أم القرى ، أحب البلاد إلى الله ، وهاجر إلى المدينة وتوفي فيها صلى الله عليه وسلم ، فهو عبد لله ليس له في العبادة شريك ، وقد أمره الله تعالى أن يقول (( لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي )) فهو عبد من العباد ، لكنه أفضلهم ، ورسول من الرسل ، ولكنه أشرفهم ، وهو صلى الله عليه وسلم أشد خشية لله وأقومهم تعبدا لله ، حتى إنه كان يقوم مصليا حتى تتورم قدماه فيقال له لقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول أفلا أكون عبدا شكورا ، أرسله الله عز وجل وجعله واسطة بينه وبين الخلق في تبليغ شرعه ، إذ لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عرفنا كيف نعبد الله عز وجل ، فكان عليه الصلاة والسلام رسولا من الله إلى الخلق ، ونعم الرسول ، ونعم المرسل والمرسل به ، فالنبي صلى الله عليه وسلم هو رسول مرسل من الله ، وهو أفضل الرسل وخاتمهم وإمامهم ، ولما جمع له الرسل ليلة المعراج تقدمهم إماما مع أنه آخرهم مبعثا عليه الصلاة والسلام.
وقال فضيلته : " هذا ما يقوله المصلي حين يجلس للتشهد الأول في الركعة الثانية من صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وأما الجلوس للتشهد الأخير قبل السلام فيأتي بهذا التشهد أيضا ويزيد عليه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول بعد الشهادتين ـ اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ـ ومعنى صلي على محمد قيل إن الصلاة من الله الرحمة وقيل ثناؤه عليه في الملأ الأعلى ، وآل محمد هم قرابته المؤمنون من بني هاشم ومن تفرع منهم ، وقيل المقصود أتباعه على دينه ـ كما صليت على آل إبراهيم ـ أي كما أنك سبحانك سبق الفضل منك على آل إبراهيم فألحق الفضل منك على محمد وآله ـ وبارك على محمد وعلى آل محمد ـ أي أنزل عليه البركة وهي كثرة الخيرات ودوامها واستمرارها ، ويشمل البركة في العمل والأثر ـ إنك حميد مجيد ـ حميد أي حامد لعباده وأوليائه الذين قاموا بأمره ومحمود يحمد عز وجل على ماله من صفات الكمال وجزيل الإنعام ، وأما المجيد فهو ذو المجد ، والمجد هو العظمة وكمال السلطان ، فتأمل جمال هذه التحيات وكمالها وحسنها وتدبر معانيها حين تزدلف بها إلى ربك في جلوس التشهد وأنت خاشع متأدب ، فالحمد لله الذي هدانا إليها وأنعم بها علينا ".
وتأمل كيف تتحرك جميع أعضاء المصلي وجوارحه في الصلاة عبودية لله ، خشوعا وخضوعا
شكرا لكم يا فضيلة :
إعتمادا على ما ذكرت {وتأمل كيف تتحرك جميع اعضاء المصلى}
لماذا أصبح الخمسين خمسا ؟ لكن لنسأل ماهو تلك الخمسين آلتى أصبحوا إلى خمسا فى الحقيقة ؟ , يسوقنا ما فى هذا السؤال إلى الرسول صلى الله عليه وموسى عليه السلام عندما فرض الله على أمته الصلاة فى اليوم إلى خمسين مرّات فأمره موسى أن يطلب من ربه التخفيف مرة بعد مرّة إلى أن أصبح الخمسين خمسا :
كإنسان ومسلم لا باس أن أبحث ما ذا سيكون لو أن الصلاة لم ينقص من الخمسين إلى خمس مرّات فى اليوم كيف تكون حال المسلم , ساقنى هذا السؤال إلى البحث هنا إلى المحافظين حقا على الصلوات الخمسة وبجميع شروطه لأرى كيف تكون أحوالهم وكيف وصفهم الله فى القرآن فرأيت من ذلك ما فهمت به أن المحافظين على الصلوات وبجميع شروطه هم الذين قال فى حقهم تعالى
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ العكبوت (45}
وقال السعدي رحمه الله :
" وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها ، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ، ويتطهر فؤاده ، ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 632)
لا يزال المحافظ على الصلوات المفروضة الخمسة وبجميع شروطه يتمم له النور ما واظب إلى درجة لا يسع نوره تلك { الجانب البشري } مع أن تلك الجانب لا بد له من {الجانب الروحي} لتكون الحياة التى تكون الصلاة فيها فريضة للأحياء ! وهنا كيف لو بقيت الصلاة ولم ينقص من الخمسين شيئا ! كيف تصير إليه أحوال المحافظين على تلك الصلوات الخمسين من أمة محمد صلى الله لو لم ينقص إلى خمسة فى اليوم وكم تكون نور قلوبهم وهل يطيق ثقل تلك النور الجانب البشرية من وجودهم ؟
الخاتمة : ونحن نفهم قدر منزل الصلاة بقول فضيلة الإمام لنقرأ
فإذا أكمل المصلي هذه العبادة وقبل أن يسلم انتهت حركاته وختمها بالجلوس بين يدي ربه تعالى ، جلوس تذلل وانكسار وخضوع لعظمته عز وجل كما يجلس العبد الذليل بين يدي سيده ، وجلوس الصلاة أخشع ما يكون من الجلوس وأعظمه خضوعا وتذلل {سبحان الله سبحان الله} يافضيلة ما أعظم تلك الإنكسار لكن فى كم مرّة يوميا تكون أحوال المصلى بين يدي ربهم على تلك الخضوع والتذلل وكيف ! لولم ينقص الصلوات من الخمسين إلى خمسا
شكرا لكم يا فضيلة الإمام ونحن معكم إلى الأبد , صالح دعائكم غاية مرامنا لينقذنا الله من هذه الأسرة
ودين الإسلام يعلمنا في الصلاة التي هي عمود الدين وأشرف العبادات لله رب العالمين أن نتوسل إلى الله بأجمل التحايا وأن تلهج ألسلتنا بأطيب العبارات وأزكى الكلمات
وتأمل كيف تتحرك جميع أعضاء المصلي وجوارحه في الصلاة عبودية لله ، خشوعا وخضوعا
شكرا لكم يا فضيلة :
إعتمادا على ما ذكرت {وتأمل كيف تتحرك جميع اعضاء المصلى}
لماذا أصبح الخمسين خمسا ؟ لكن لنسأل ماهو تلك الخمسين آلتى أصبحوا إلى خمسا فى الحقيقة ؟ , يسوقنا ما فى هذا السؤال إلى الرسول صلى الله عليه وموسى عليه السلام عندما فرض الله على أمته الصلاة فى اليوم إلى خمسين مرّات فأمره موسى أن يطلب من ربه التخفيف مرة بعد مرّة إلى أن أصبح الخمسين خمسا :
كإنسان ومسلم لا باس أن أبحث ما ذا سيكون لو أن الصلاة لم ينقص من الخمسين إلى خمس مرّات فى اليوم كيف تكون حال المسلم , ساقنى هذا السؤال إلى البحث هنا إلى المحافظين حقا على الصلوات الخمسة وبجميع شروطه لأرى كيف تكون أحوالهم وكيف وصفهم الله فى القرآن فرأيت من ذلك ما فهمت به أن المحافظين على الصلوات وبجميع شروطه هم الذين قال فى حقهم تعالى
اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ العكبوت (45}
وقال السعدي رحمه الله :
" وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أن العبد المقيم لها ، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها ، يستنير قلبه ، ويتطهر فؤاده ، ويزداد إيمانه ، وتقوى رغبته في الخير ، وتقل أو تعدم رغبته في الشر ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 632)
لا يزال المحافظ على الصلوات المفروضة الخمسة وبجميع شروطه يتمم له النور ما واظب إلى درجة لا يسع نوره تلك { الجانب البشري } مع أن تلك الجانب لا بد له من {الجانب الروحي} لتكون الحياة التى تكون الصلاة فيها فريضة للأحياء ! وهنا كيف لو بقيت الصلاة ولم ينقص من الخمسين شيئا ! كيف تصير إليه أحوال المحافظين على تلك الصلوات الخمسين من أمة محمد صلى الله لو لم ينقص إلى خمسة فى اليوم وكم تكون نور قلوبهم وهل يطيق ثقل تلك النور الجانب البشرية من وجودهم ؟
الخاتمة : ونحن نفهم قدر منزل الصلاة بقول فضيلة الإمام لنقرأ
فإذا أكمل المصلي هذه العبادة وقبل أن يسلم انتهت حركاته وختمها بالجلوس بين يدي ربه تعالى ، جلوس تذلل وانكسار وخضوع لعظمته عز وجل كما يجلس العبد الذليل بين يدي سيده ، وجلوس الصلاة أخشع ما يكون من الجلوس وأعظمه خضوعا وتذلل {سبحان الله سبحان الله} يافضيلة ما أعظم تلك الإنكسار لكن فى كم مرّة يوميا تكون أحوال المصلى بين يدي ربهم على تلك الخضوع والتذلل وكيف ! لولم ينقص الصلوات من الخمسين إلى خمسا
شكرا لكم يا فضيلة الإمام ونحن معكم إلى الأبد , صالح دعائكم غاية مرامنا لينقذنا الله من هذه الأسرة
ودين الإسلام يعلمنا في الصلاة التي هي عمود الدين وأشرف العبادات لله رب العالمين أن نتوسل إلى الله بأجمل التحايا وأن تلهج ألسلتنا بأطيب العبارات وأزكى الكلمات