المحليةالمقالات

الورقة الأخيرة من يوميتي

[ALIGN=RIGHT][COLOR=crimson]الورقة الأخيرة من يوميتي :[/COLOR] [COLOR=blue]رويده صديقي- مستشارة قانونية[/COLOR][/ALIGN]

وقفت أمام يوميتي لأنزع آخر ورقة بها، آخر يوم من عمر العام المنصرم، و على غير عادتي تثاقلت يدي هذه المرة و هي تمتد إليها، و انتابني إحساس نبه في وجداني شعوراً، ما كنت أعيره إهتماماً على مدى أكثر من 354 يوماً قد انتهت، لقد أحسست بإشفاق عليها، وقد تراءت لي كأنها تحتضر.

وترنو إلى يدي في فزع وذل، كأنها تطلب مني أن أمهلها لحظات تودّع فيها هذه الحياة، فعدلت عن نزعها، ورحت أتأمل هذه الورقة الأخيرة، واعترتني رهبة عندما عرفت أنني في الحقيقية بنزعها قد نزعت حزمة من أيام عمري، لأطوي بها سجلي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وبما فيها من خير وشر.

إن هذه اليومية المحتضرة تشبه عمر أي مخلوق، وإنها تتناقص أيامها مثلما تتناقص أعمارنا يوماً بعد يوم . وها نحن نعيش في وداع العام الذي ذهبت أيامه ، فـبالأمس القريب كنا نستقبله ، وفي هذه اللحظة وبهذه السرعة نودعه ، … عام مضى وانقضى من أعمارنا ، ولن يعود إلى يوم القيامة ، وهو شاهد لنا أو علينا بما أودعنا فيه من الأعمال ، فالإنسان بين مخافتين ، بين عاجل قد مضى … لا يدري مالله صانع فيه ، … وبين آجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه.

قال أحد السلف ..(( كيف يفرح في هذه الدنيا .. من يومه يهدم شهره ، وشهره يدم سنته ، وسنته تهدم عمره … كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله ، وحياته تقوده إلى مماته …))
عدت من ذهولي، وأخذت استحث ذاكرتي القاصرة، علّها تسترجع بعض ما رسب وعلق بها من أحداث العام المنصرم، قبل أن تغمرها دوائر النسيان، فكم ودعنا في هذا العام إخوانا لنا وأقارب .. كم ودعنا من عالم وإمام .. وسرى بهم البلى ، ونحن في الطريق سائرون .. وعلى الدرب ماضون .. وعلى ما قدموا إليه قادمون.

أن بداية العام الهجري الجديد فرصة لكل واحد منّا لكي يفتح صفحة جديدة مع الله عز و جل ومع نفسه صفحة بيضاء نقية، فلا بد من :

1- وقفة مع النفس نتعرف فيها على مواطن الخلل التي قل ان يسلم منها أحد وأن نحاول تداركها في القادم من الأيام.

2- لا بد من تجديد التوبة مع الله والإنابة والاستغفار من كل أوجه التقصير والدعاء والالحاح على الله بالتوفيق .

3- كتابة الأهداف للعام الجديد ففيها التزام منك بالعمل على تحقيقها وهي وسيلة فعالة في برمجة العقل الباطن على حثه في التفكير دائما في إتمامها والدراسات تشير إلى 3 % فقط من الناجحين يكتبون أهدافهم في أوراق ويحتفظون بها .
حيث إن وضوح الهدف و المداومة والصبر و إتقان العمل ) مع اضافة العنصر السحري(الدعاء) من أسباب نجاح العظماء.
ولا تنسوا بعد ذلك أن تعتنوا بالجانب غير المرئي من أسباب النجاح وهو سلامة الصدر وحب الخير للآخرين وعليكم أن تبدؤوا بوالديكم وأهليكم ثم الأقرب فالأقرب وكلما هيأ الإنسان نفسه للإخلاص لله وبذل الخير ونفع الناس كلما أعانه الله وسدده وكان نجاحه أقرب.

وأعظم النجاح أن يحتاج إليك الآخرون ويفتقدونك إذا غبت عنهم ويشعرون بنقص في الحياة أثناء غيابك حيث يصعب على غيرك تعويضهم عن فقدك.

4- كافئ نفسك عند إتمامك لأهدافك ولا مانع أن تتدرج بها بحسب درجة الهدف الذي حققته فليس من السهل عند الكثيرين الالتزام بما كتبوه ولكنها سمة الناجحين والشخصيات الفاعلة فإن كنت منهم فأنت تستحق المكافأة وسوف تشعر بمشاعر ايجابية كما لو تم تكريمك من جهة ما!.

قد تكون ممن خطط ونظّر لمسيرته في العام الماضي ، ولكنك وجدت أنك لم تنجز شيئاً؟؟ فيأنبك ضميرك ، ويضيق عليك عيشك، فتخيم سحابة اليأس عليك ، ومن ثمّ تدخل في دوامة المعاتبة الغير مثمرة ، فتورثك بذلك التعاسة والسآمة وبذلك تتقاعس عن معاودة الكره في ميدان النجاح والارتقاء.

لكن حارب هذه المشاعر السلبية وكن إيجابياً في تعاملك مع ما قدر الله لك. ولو كان فــشــــلاً ، فهذا في الظاهر ، فلا تقل(( أنا لا أستطيع أن أستمر في أي عمل ، أو أنجز شيئاً ، أنا أعلم بنفسي ، أنا منذ الصغر تربيت على ذلك ولا أستطيع التغيير))
ولكن قل ((إنّ فشلي في العام الماضي سيكون صقلاً لموهبتي ، وخبرةً لي في حل مشكلاتي، وسأعتبر بما مضى، المهم أني حاولت ، وســأكـرر هذه المرة))
أقنع نفسك بأنك قادر على الإنجاز والإنتاج ، واعلم أن الخطوة الأولى للارتقاء هي الرغبة الأكيدة والصادقة وذلك بعد الاستعانة بالله ، وأن التغيير يبدأ من نفسك، يقول الله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ويقول أحد الحكماء<عندما تكون لديك الرغبة المشتعلة للنجاح ، فلن يستطيع أحد إيقافك>.
فإن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال (إستعن بالله ولا تعجز؛ ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكنت كذا وكذا ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعـل ).

فعندما يكون لديك الرغبة القوية ، فإنه سيكون لك عزيمة قويه للتغيير بإذن الله ، أما مجرد المعرفه بالطريق الصحيح فهذا لا يكفي ، فلا بد من العمل.
يقول الشاعر: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تتردد
وثق تماماً أنك قادر على الارتقاء بنفسك، فالله خلق لك السمع والبصر والفؤاد وكرّمك بالعـقـل ؛ فلا تكن عاجزاً عن إنجاز طموحاتك ،
يقول الشاعر: ولم أرى في عيوب الناس عيباً * كعجز القادرين على التمام
أخيـــراً: ابتسم للحياة ، واستنشق عبير العز ، وتحرر من أسر الكآبة والسآمة ، وتوشح وشاح العزم ، واسمو بنفسك في المعالي
وعــش يومك ,عش يومك لا تجعل التفكير في الماضي إلا محفزاً لك في الاستزادة من الخير
وانطلق بروح جديده ، روح التفائل والتحدي،
واعلم أن مدار الأمر كله ينصب في خشية الله ، وأن النجاح والتوفيق بيد الله ، فبادر بدعاء الله بأن يوفقك في هذه الفرصة ، ويزيد ك تقىً وهدىً ونجاحاً وإنجازاً.
فما أجمل أن نبغي الخير جهدنا وطاقتنا !
ما أجمل أن نعيش لغيرنا كما نعيش لأنفسنا !
ما أجمل أن نجعل المصلحة العامة فوق مصالحنا الخاصة !
إذا أردنا النجاح فلنجتهد .
إذا أردنا الوصول فلنبدأ .
إذا أردنا الحياة فلنتفاءل .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. جميل جدا تلك المفردات والعبارات النفسيه والسلوكيه والتي جاءت لتخاطب النفس البشريه وتعمل على التغيير الإيجابي فكانت شاملة لأسس النجاح والتفاؤل…الخ من السلوكيات الإيجابيه …لكاتبتنا العزيزه…أطيب تحيه.

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية عطرة
    سعادة المستشارة القانونية المبدعة / رويده صديقي
    كلام أكثر من رائع وفيه دعوة للإنطلاق لكل أنسان يريد السمو ، ولكن للأسف كثير من شبابنا ينتظر الفرصة ولا يبحث عنها وهذه هي لب المشاكل ، وبعدها ينسب التقصير إما للدولة أو أحد ما … ولكن من جد وجد ومن زرع حصد .
    قال الله تعالي [ وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون]
    وعن عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما- قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( يا غلام احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فسأل الله ، وإذا استعنت فأستعن بالله ، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن إجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشي قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف .
    لا أجد ما أزيده على ما قلتي ،،،، غير أن أقول : وفقك الله ،،،،
    م/ معتز السفر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى