جميعنا يتطلع إلى بلوغ القمة … ويتملكنا الأسى والحسرة عندما يسبقنا الآخرون عليها . أحياناً نرد تخلفنا عنهم لعجزنا ، وعدم امتلاكنا قدراتهم وإمكاناتهم . وغالباً ما نرده إلى عدم امتلاكنا الوقت الكافي وكثرة انشغالنا بأمور أهم . والحقيقة أنه ليس عجزاً بل سقوط الهمة التي ما تحلى بها أحد إلا قفزة به إلى القمة ، وطارت به إلى الأعلى . وكما أن الطائر يطير بجناحيه ، كذلك يطير المرء بهمته .
قال أحد الصالحين: همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء ، فمن صلحت له همته وصدق فيها ، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال .
فصاحب الهمة يكون قلبه جياشاً ، ونفسه تواقة ، وغليان دمه مستمراً ، و هيجان عقله صاخباً .
إن هممت فعليك المبادرة وإن عزمت فعليك المثابرة ، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر .
والهمم تتفاوت حتى بين الحيوانات ، فهذا الذئب لا يأكل إلا صيده ، ثم يأتي الغراب لأكل ما تبقى فهو لا يأكل إلا الجيف ، والأسد لا يأكل بايت ، والخنفساء تطرد فتعود . حتى نار الشمعه عندما تحاول أن تصوبها لتميل تأبى إلا أرتفاعاً .
يقول أبي الطيب المتنبي :
[ALIGN=CENTER][COLOR=crimson]على قدر أهل العـزم تـأتي العزائم
وتـأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم[/COLOR][/ALIGN]
فصاحب الهمة طموح ، ومن صاحبه الطموح صاحب المعالي والقمم ، فهذا عمر بن عبدالعزيز يقول : ” إنَّ لي نفسًا توَّاقة تمنت الإمارة فنالتها ، وتمنَّت الخلافة فنالتها ، وأنا الآن أتوق إلى الجنة ، وأرجو أن أنالها “. كما أن صاحب الهمة لا يعيقه كثرة العوائق فشعاره )فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ ( إن صاحب الهمة لا يضيع وقته في غير ما ينفعه . فهو يجود بالغالي والنفيس في سبيل ما يبتغي ويريد ، لأنهُ يعلم أن المكارم محفوفه بالمكارة ، وأنهُ أن أراد البقاء في القمة فقد كتب على نفسه السير على جسر المتاعب .
وقد قال الشاعر :
[ALIGN=CENTER]ب[COLOR=blue]َصُرتُ بالراحة الكبرى فلم أرهاتُنال إلا على جسر من التعب[/COLOR][/ALIGN]
وقال المتنبي:
[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]وإذا كانت النفوس كباراًتعبت في مرادها الأجسام[/COLOR][/ALIGN]
وقال أيضاً :
[ALIGN=CENTER][COLOR=crimson]إذا غامرت في شرفٍ مرومِ
فلا تقنع بما دون النجومِ
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ
كطعم الموت في أمرٍ عظيمِ[/COLOR][/ALIGN]
إن عالي الهمه ، لهُ خطوات ثابته ، وعلاماتهُ في الجبال يراها الجميع . ونجمهُ في السماء وهاج ، فهو لا يقدم على غايه إلا على بصيره وعلم ، فيقتحم المخاطر ، ويستسهل الصعاب .
وقد قال الشاعر :
فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل[/COLOR][/ALIGN] إذا أرت أن تصعد الجبل فأنك ستواجه المصاعب التي تعترضُ طريقك ، فإن واجهتها بهمةٍ عاليه ، فلن تستطيع هزمك ، وإن سلمتَ لها فسوف تعيدك إلى ما هو أبعد من نقطة الإنطلاق . وقد قال الشاعر : [ALIGN=CENTER][COLOR=blue]لا تحسب المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا[/COLOR][/ALIGN]
ويقول أبو فراس الحمداني :
[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]ونحن أناس لا توسط عندنالنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا
ومن يخطب الحسناء لم يغله المهرُ[/COLOR][/ALIGN]
وأخيراً أقول لك أخي القارئ :
[COLOR=crimson]من صاحب الهمه ، عانق القمة ….[/COLOR] والســلام