قال الـضَـمِـير الـمُـتَـكَـلّـم : صناعة الإنسان هي المهمة الأساس في كل الحضارات ، في كل الأوطان ، في كل الأنظمة والقوانين التي إنما تُـصَـاغ لتحقيق هذا الهدف وتلك الغاية ؛ لأن صناعة الإنسان هي البِـنْـيَـة التحتية للتنمية الحقيقية المُـسَـتَـدامة .
ولتسليط الضوء على ما تفعله بعض أنظمة مؤسساتنا الحكومية ليس في بناء الإنسان ؛ وإنما في هَـدمـه ، وتحويله إلى ( بَـقَـايا إنسان ) إليكم حكاية هذا المواطن تُـعْـرض تفاصيلها دون ترتيب أو محسنات لفظية :
أنا المواطن ( مجهول ومَـنْـسِـي ) تخرجت في كلية الاتصالات ، حسب نظام الخدمة المدنية أستحق ، ( المرتبة السادسة ، الدرجة الرابعة) !!
لكنني تعينت وما زلت أقبع منذ عدة سنوات في ( المرتبة الثانية ) ، لا تسألوا لماذا تعينت هكذا ؟! ولماذا رضيت بذلك الـضّـيـم ؟! إنها يا سَـادة البطالة ، وعدم الواسطة ، والحاجة !! ( فوربي بأول راتب دخلت جمعية رسومها ( 300 ريال فقط ) !!
المصيبة أن الزمن من حولي يجري لأهل المحسوبية وشِـلّـة المسئول ؛ فهناك من تعين على المراتب والبنود ( أ ، ب ، عمال … إلى آخره ) !!
وجميعهم رواتبهم أعلى مني ، بل بعضهم أضعاف مرتبي ؛ تخيلوا حتى المراسل الأُمّـي ( فئة د ) تبدأ مسيرة راتبه بمبلغ أكبر وأكثر من راتبي ، وقريباً سيكون تعيينهم رسمياً ( أقولها يعلم الله ليس حسداً بل غبطة وحباً ، وطلباً للمساواة ) !!
أعيش في ظروف مالية سيئة ، فأنا تحت خط الفقر ( ويشهد الله يوماً استدنت من خَادِمَـة أهل زوجتي !!
حاولت تحسين وضعي الوظيفي حسب مؤهلي تصوروا طالبوني بالتقديم من جديد ، وأن أدخل طابور انتظار التوظيف الطويل ، الذي سيكون ترتيبي فيه ( 1107 ) ، يلتحق منه بالوظيفة في تخصصي ، وحسب المُـعَـدل فقط ( 7 أشخاص ) في السنة ، وبالتالي سوف أتعين أنا بعد ( 150 سنة ) !!
تزوجت بالديون ، ولولا أن رزقني الله زوجة صالحة تقَـدّر ظروفي لكان مصير زواجنا الطلاق !!
تألمت ، بكيت ، أنا الآن أعاني مِـن مضاعفات نفسية ، لها أَسْـكُـن في جلسات علاج ، وألتهم المسكنات !!
تلك الحكاية وغيرها كثير تؤكد : ما أحوج بلادنا إلى غربلة شاملة للأنظمة خاصة الخدمة المدنية ؛ وحملة وطنية لصناعة المواطن الفاعِـل ، ومنحه كافة حقوقه حتى لا يتحول من إنسان إلى ( بَـقَـايا إِنْـسَـان ) ! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .
aaljamili@yahoo.com