المحليةالمقالات

الشباب وسوق العمل(1_3)

[ALIGN=RIGHT][COLOR=crimson]الشباب وسوق العمل(1_3)[/COLOR]محمود بن عبد الله القويحص[/ALIGN]

كثيراً ما نسمع باحتياجات سوق العمل، وبأنّ مخرجات التعليم لا تتوافق مع متطلباته، وبعد أن يمضي معظم الشباب عدة سنوات في تلقي العلوم والمعارف خلال دراستهم بالتعليم العام والجامعي يتضح لهم فيما بعد أن تعليمهم لا يتناسب مع احتياج السوق ـ فيزداد عدد البطالة من الشباب وتزداد أعداد العمالة الوافدة ـ ومما يزيد في حجم المشكلة عدم وجود معاهد تدريبية كافية تؤهّل الشباب لاحتياجات السوق العملية.

ولو طرحنا سؤالاً عن احتياجات سوق العمل لدينا خلال الفترة القادمة لمجموعة من الشباب وأولياء أمورهم والمسؤولين عن تعليمهم لما وجدنا إجابة شافية، بل ستفاجأ بأن بعضهم لا يعرف معنى احتياجات سوق العمل!! وبعضهم يرى أنها تكمن في سَعْودة أماكن بيع الخضروات، وسائقي سيارات الأجرة، وعمّال النظافة وأمثال ذلك، ولعل هذه النظرة هي السائدة، وفي الوقت نفسه هي القاصرة.

ولكي نكون جادين في البحث عن حل للمشكلة لابد من تفنيد علاجها على عدة مراحل.

المرحلة الأولى: معرفة احتياجات سوق العمل، ومن ثمّ السعي لسدها، وإنني على يقين أن هناك جهود مبذولة لحصر احتياجات سوق العمل، ولكنها وللأسف باتت حبيسة الأدراج تنتظر من يعلنها ويخرجها للملأ كي ترى النور، فيجب على كل من له علاقة باحتياج سوق العمل مثل: وزارة العمل، والخدمة المدنية، ومصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، حصر احتياجات سوق العمل، والفرص المتاحة للشباب، وذلك عن طريق إنشاء مركز معلومات وطني موحد على مستوى المملكة تحت إشراف وزارة العمل، يكون حلقة وصل بين طالب الوظيفة وصاحب العمل، وفروعه منتشرة في جميع أنحاء مملكتنا الغالية متمثلة في مكاتب العمل، لبيان ما تحتاجه الدولة في القطاعين(الحكومي والخاص) من المهن الفنية، والوظائف المكتبية والميدانية، وأماكن توفرها في مناطق المملكة خلال السنوات القادمة، ومن ثمّ الإعلان عنها في جميع وسائل الإعلام المسموعة، والمقروءة، والمرئية، وفي المدارس الثانوية، وفي الجامعات والكليات، كي يتسنى للشباب تحديد مسارهم التعليمي والمهني على ضوء الاحتياجات المطلوبة، وهذا يحد من معاناتهم بعد التخرج، ويجعل الشاب يتحمّل مسؤولية نفسه إذا تخصص بتخصص لا يحتاجه السوق.

فعلى سبيل المثال: أليس من الممكن أن يُعلن عن عدد الوظائف الشاغرة ـ التي من الممكن سعودتها ـ خلال السنوات العشر القادمة لمهنة الصيدلة، أو الطب، أو التمريض، وما يتعلق بهما كفني المختبرات، والأجهزة الطبية وغيرها، أو الهندسة بأنواعها، والمحاسبة وإدارة الأعمال، أو التخصصات التعليمية، أو المهن الفنية والتقنية ( كالكهرباء، والتبريد، والميكانيكى، والاتصالات، والالكترونيات، و…) في المصانع والشركات، والوظائف الإدارية ( كالسكرتارية، والمحاسبة، و…) في القطاعات الحكومية والأهلية، مع بيان أماكنها حسب مناطق المملكة؟

إنّ أهمية الإعلان عن ذلك تزداد أهمية في نهاية كل سنة دراسية، كي يتعرف الطلاب خريجي المرحلة الثانوية على احتياجات السوق، وتتكون لديهم صورة واضحة عن التخصصات المناسبة والتي لها مستقبل في سوق العمل بعد تخرجهم قبل التحاقهم بالجامعات والكليات، ومن المفترض أن تكون مثل هذه المعلومات متوفرة عن طريق ما تمّ عمله من إحصائيات وبيانات، ومسح شامل لكل ما ينبغي سعودته في كافة القطاعات الحكومية والأهلية، لا سيّما تلك المهن والوظائف والتخصصات التي تحتاج إلى مهارات وتفكير وتعلّم، لأن شبابنا ـ ولله الحمد ـ لا يزال لديه القدرة على التعلّم والتدريب، وإجادة كثير من الأعمال متى ما سنحت لهم الفرصة، وتمّ توجيههم وتدريبهم بشكل مدروس، والواقع يؤيد ذلك، فبلادنا لا تزال بحاجة ماسّة إلى الشباب الذين يجيدون المهن الفنية التي تعفّهم وتكفيهم، وليس تلك المهن التي لا تحتاج إلى دراية ومعرفة وتعليم كعامل في محلات بيع أي نوع من المستلزمات، مما لا يحتاج إلى مهارة وتدريب، ولا يفرحنا أن يصل طموح شبابنا إلى هذه المستويات، فمهنة باليد أمان من الفقر.

أمّا المرحلة الثانية: فهذا ما سنتحدث عنها خلال المقال القادم إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى