مجتمع بلا ثقافة هو بالحقيقة مجتمع بلا هوية، مجتمع يسير في نفق مظلم نحو الهاوية، لأنّ الثقافة هي الركن الأساسي التي تبنى عليها القيم والأخلاق، وهي مصدر القوة والحصن المنيع للمجتمع، وكلما اعتزّ المجتمع بثقافته وتمسك بها كلما ارتفع وعلا شأنه. وأيّ مجتمع يرى بثقافته النقص فمآله إلى التقليد الأعمى لغيره، ومآله إلى الانفلات الأخلاقي، وضياع هويته، وتسلط الأعداء عليه.
يقول الدكتور: محمد محمد حسين ـ رحمه الله ـ في تعريفه للحضارة هي:( كل ما ينشئه الإنسان في ما يتصل بمختلف جوانب نشاطه ونواحيه، عقلا وخلقا، مادة وروحا، دنيا ودينا. فهي ـ في إطلاقها وعمومها ـ قصة الإنسان في كل ما أنجزه على اختلاف العصور وتقلب الأزمان) إلى أن قال:( والحضارة بهذا المعنى أعم من الثقافة، التي تطلق على الجانب الروحي أو الفكري من الحضارة، بينما تشمل الحضارة الجانبين الروحي والمادي، أو الفكري والصناعي).
وقيل في تعريف الثقافة حسب ما ورد بموسوعة ويكيبيديا:( الكلّ المركّب الذي يتضمن المعارف والعقائد والأخلاق والقوانين والعادات ) فمقومات الثقافة مبنية على كل ما يتعلق بالقضايا الفكرية والروحية والتي تشتمل على العقائد والأخلاق والأعراف الحسنة.
وهنا يأتي دور المثقف للحفاظ على ثقافة مجتمعه من الاندثار، أو التغيير، لأنّ المثقف هو من يجسد ثقافة مجتمعه، وعليه أن يكون أنموذجا حيّا للقيم والمثل العليا، وقدوة للأجيال القادمة، فالثقافة في نهاية المطاف هي فكر ينتج عنه أفعال وسلوك وأخلاق، فإذا لم يظهر ذلك جليا على المثقف فهو عندئذ لا يستحق أن يتصف بهذه الصفة.
ونحن ولله الحمد والفضل والمنة أكرمنا الله في هذا المجتمع بثقافة فكرية وروحية أصلها ثابت وفرعها في السماء، فثقافة المجتمع السعودي مبنية على قيم ومبادئ وأخلاق مستمدة من وحي السماء، حتى أصبحنا نتميز عن غيرنا بها، وهذه والله مفخرة نعتز بها.
ولكننا وللأسف الشديد أُبْتلينا في مجتمعنا بأفراد غلب عليهم الجهل، وطغت عليهم الشهوة، وأعماهم الهوى، وانفتنوا بالثقافة الغربية، ووجدوا من يصفق و يطبّل لهم في وسائل الإعلام، ويصفهم بالمثقفين وهم بعدين كل البعد عن الثقافة وروحها.
فأيّ ثقافة ترجى من أفراد لطخوا سمعة الثقافة السعودية برواياتهم الماجنة، وما تحمله من عفن تستقذره النفوس الأبية!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد وصل بهم الأمر إلى التشكيك ببعض أحاديث الصحيحين لأنها تخالف هواهم!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد يزعمون بأن الفن والموسيقى غذاء للروح، ومن يكره الموسيقى فإنما يكره إلهاما!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد نصّبوا أنفسهم مفتين ومشرعين لقضايا المجتمع فالحرام عندهم حلال!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد يريدون فرض الاختلاط المبتذل بأقبح صوره بالمجتمع!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد قدوتهم أركون، والجابري، وجان جاك!.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد مالوا بمفهوم الثقافة الحقيقي وما يحمل من مبادئ وقيم وأخلاق إلى المفهوم السطحي القاصر للثقافة وحصرها على الغناء والطرب والفن والروايات الماجنة.
وأيّ ثقافة ترجى من أفراد أصابهم الهلع، وأفزعتهم الحقيقة ـ فكاد المريب أن يقول خذوني ـ من جرّاء تغريدةِ حقٍ صدح بها الكاتب: صالح الشيحي.
إن ثقافة المجتمع السعودي مهددة من الداخل، وتواجه عبثا لتغيير مفهومها وحقيقتها، وطمس معالمها، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى الاعتزاز بثقافتنا المستمدة من وحي السماء لمواجهة التحديات الخارجية.
malqwehes@gmail.com
(( لأنّ المثقف هو من يجسد ثقافة مجتمعه، وعليه أن يكون أنموذجا حيّا للقيم والمثل العليا، وقدوة للأجيال القادمة، … ))
عباره رائعه و تحكي الواقع المفروض
و لكن هناك سؤال يخالجني أين كانت كل تلك الآراء و التعارضات في وقت نمت
فيها ثقافتنا بطريقة معوّجة و غير صالحه للأجيال طوال سنوات مضت … ؟ ؟
من المسؤل على ذلك النمو المتعفن قلباً وقالباً و لم يحرك ساكناً طيلة تلك الفترات …
الآن حصحص الحق و لله الحمد . . . فهل من مقيم لما إعوج من تفكير لبناتنا و شبابنا جرّاء
قراءة وتبادل تلك الروايات و تلك الثقافات في ما مضى …؟؟ ؟