كثر في الآونة الأخيرة التدافع إلى الحصول على الشهادات بكل أنواعها وفئاتها والدافع إلى ذلك أمران اساسيان :
أولهما : فقدان الهوية والهدف لدى طالبي هذه الشهادات .
والثاني : الطمع والرغبة في الكسب السريع لدى مقدمي هذه الشهادات .
بحكم عملي في عدد من مجالات التجارة وفي التدريب والاستشارات ؛ فأنا أقابل دائما وباستمرار نماذج تشعرني بالألم والأسى على صعيد الفرد ، وعلى صعيد المجتمع . وسأكون صريحا جدا هذه المرة ؛ لأن الأمانة تقتضي الصدق .
ما دفعني إلى كتابة هذه السطور هو عدد من المواقف التي مرت بي تباعاً خلال حوالي ثلاثة أشهر .
الموقف الأول : طلب مني أحد مراكز التدريب تقديم برنامج تدريبي في أحد المجالات ؛ وعندما باشرت التدريب فوجئت بعشرات الأسئلة من المتدربين عن إدارة الموارد البشرية ، فتعجبت من تركيز الأسئلة وقلت لعله بسبب أنها تخصصي الرئيس ؛ ولكن مع الوقت اتضح أن المتدربين حصلوا خلال أسبوع على من التدريب على شهادة دبلوم وسبع شهادات أخرى عالمية ومحلية في الموارد البشرية ؛ بينما هم لا يعرفون أبسط أساسيات علم أو تطبيقات الموارد البشرية !!
الموقف الثاني : طلب مني أحد مراكز التدريب تقديم برنامج تدريبي عليه شهادات عالمية ؛ وعندما سألته عن مصدر هذه الشهادات ؛ أجابني بكل وضوح وصراحة بأنه لا يدري ، وأن المتدربون لا يهتمون بمصدر الشهادة .. المهم أن تكون عالمية !!
الموقف الثالث : وصلت إلي رسائل إليكترونية كثيرة تروج للحصول على درجة الماجستير في عدد من المجالات في أسبوعين !!
الموقف الرابع : طلب مني أحد مراكز التدريب تقديم دبلوم في إدارة الموارد البشرية ( عن بعد ) في ثلاثة أيام !!
الموقف الخامس : حصل أحد أصدقائي على شهادة كبير مراجعي آيزو .. وعندما سألته كم تطبيقاً عمليا قمت به في مجال الجودة ؛ فأجاب بكل صراحة .. ولا مرة ! فقلت له : وكيف حصلت إذا على شهادة كبير مراجعين !!
ولا أريد التحدث أكثر عن مثل هذه المواقف .. فذاكرتي محشورة بما هو أفضع بكثير ويصل إلى أعلى الشهادات .. !!
والحقيقة أن الأمر قائم على استغلال الحاجات . هناك إنسان تائه حائر لا يدري إلى أين يتجه .. تتلقفه جهة تبحث عن المال ، وترى ” أن هذا هو الفريسة السهلة ” فتصب عليه جام إعلاناتها وتعزف على وتر ألمه فتزيده ألماً ، وعلى وتر أمله فتخدعه بأمل براق .
وهناك إنسان في الوسط بين هذين الطرفين ، يهمه هو الآخر الحصول على المال والشهرة بأي شكل كان ، فلو قيل له لدينا تدريب عن كيفية التعامل مع الحياة في زحل .. لقال بأنه نفذه في 15 دولة ، وأن جميع من تخرجوا يشغلون أعلى المناصب حالياً !!!!
على رسلكم يا قـوم .. يامن تتدربون .. يا مراكز التدريب .. يا مدربين .. إنها شهادة .. أمانة .. مسئولية .
[COLOR=crimson]وإما أن تكون شهادة حق ، أو شهادة زور .. وإما أن يكون كسب حلال أو حرام .[/COLOR]اسألوا أنفسكم ، وقفوا أمام المرآة .. ابحثوا عن الأهداف الحقيقية .. هل بهذا نصنع المجتمع المسلم الراقي الذي ينافس الأمم ، ويحقق المجد . اقرؤوا : ” إنا عرضنا الأمانة ” ، واقرؤوا : “والذين هم بشهاداتهم قائمون” ، واقرؤوا : “وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ، وكفى بنا حاسبين” …. وثق يامن تحصل على الشهادة بغير وجه حق ، ويامن تقدمها بغير وجه حق أن الله هو الرزاق .. والله من وراء القصد .
مقالة تشخص الواقع المعاش وهذا ليس بمستغرب فالعولمة اكتسحت كل شيء وحولتنا الى مجرد ادوات ومستهلكين فالعم سام عاوز كذى مع الاسف الشديد :crazy:.
لا فض فوك يا دكتور عدنان والحقيقة البعض يستهتر بهذه الأمور وربما تكون من المهلكات
فأي شهادة تأتي بالحرام وكيف يكون الكسب من خلفها؟!
أخشى أن تكون نارا في بطون اصحابها سواء اصحاب الجهات التي تمنح الشهادة أو الفرد الذي يسعى لها وأحب أذكر بقول الله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)