وتوصف كوريا الجنوبية بأنها بلد عظيم استطاع بالتعليم والإنضباط ومحاربة الفساد الإداري والمالي أن يكون بلداً صناعياً منتجاً لكل شيء ، حتى أصبحت ميزانية شركة واحدة فيه ميزانية عدة دول مجتمعة وذلك بسبب احترامه للجدية والعمل المخلص البناء .
ويحضرني لقاء مع مسؤول تربوي كوري في زيارة تشرفت بها مع زملاء للإطلاع على التجربة الكورية قبل 15عاماً إذ صدمني عندما قال بأن هذا العز والتقدم والنهضة التي تعيشها كوريا كانت بأسباب منها العمالة التي تم إرسالها لكم لمد وحفر الكيابل لنشر الكهرباء قبل 30 عاما ، حيث كان عددهم كبير وفي مختلف مدن المملكة وكان مطلوب منهم وبرغبتهم وحسهم الوطني أن تحول رواتبهم للبنك المركزي الكوري ،وأن يرسل لهم أكلهم من كوريا بحيث لا يشترون شيئاً ولا ينفقون شيئاً ماعدا أنهم قضوا على الكلاب الضالة عندنا إذ كانت مفضلة عندهم ويحرصون على التجمع في إجازة العمل ودعوة بعضهم على مفطح كلب ، لكنهم جدوا واجتهدوا وركزوا على التعليم حتى وصلوا إلى ماوصلوا إليه. وأعجبتنا المدرسة الكورية بإنضباطها ودقتها والحرص على المعلم المتمكن فلا يدخل المهنة إلا بأصعب الشروط وإجتياز الإختبارات كما لاحظنا نظافة المدن والأماكن بسبب تعمق فكرة أن كل مواطن كوري مسوؤل عن كل شيء في كوريا فلهذا يحرصون على نظافة الشوارع والطرق ، وينظف الطلبة مدارسهم وكلياتهم ويسعد عمال النظافة في ملاعبنا عندما تكون هناك مباراة طرفها منتخب كوري إذ سيأتي الجمهور الكوري ومعهم مايضعون فيه نفياتهم ولايمكن مغادرة المكان إلا إذا أصبح المدرج نظيفا .
أما عندنا فقد بلغ الإستهتار مبلغه في رمي النفايات من السيارة بل ترك براميل القمامه خاوية ورمي المخلفات في الشوارع ، أما نظافة الملاعب فهي قصة أخرى سترونها في مباراة رياضية حيث اختلاف المدرجين ونجاح مدرج بنجاح تعليمه والقيم التي يزرعها وفشل آخر بسبب فشل تعليمه في تحقيق أي رسائل إيجابية .
وعندما نقول هذا الكلام فإنه ليس جلدا للذات ولكن ينطبق علينا مقولة كنقص القادرين على التمام فلدينا عقيدة عظيمة وبلد آمن مستقر ومبالغ مالية كبرى تصرف لكل مافيه نهضة الوطن حيث بناء المستشفيات والمدارس والجامعات وغيرها لكن الأداء والتعامل البشري المربوط بالإنجاز لا زال بحاجة لتطوير ودعم وهذا ماحدث في كوريا حيث الحزم الإداري والدقة في الأداء والحرص على الإنجاز والمراقبة والمتابعة وجودة التعليم وحسن زرع القيم من الصغر وتقوية الولاء الوطني وتعزيزه.