وأما عن العلاقة بين الدم والقدم التي يوحي بها العنوان ,فالمقال غير بعيد عن محيط كرة القدم وقريب بالوقت نفسه من الدم وأنا هنا لا أتحدث عن المراجع التاريخية التي ترجع نشأة لعبة كرة القدم الى ركل الجماجم البشرية للأعداء بعد الانتصار في الحروب فأنا من محبي هذه اللعبة التي وإن بدأت , تاريخيا, بالركل غير أنها تحولت الى مناسبة للتعارف والتقارب بين الشعوب لكن الذي جعلني أسقط حرف القاف القمري هو ما جرى ببورسعيد من كارثة عقب مباراة الأهلي والمصري التي ذهب ضحيتها 74 قتيلا و1000 جريح وسقوط حرف القاف أحال المستطيل الأخضر الى ساحة ملوثة بالدم !
وأي دم !
إنه دم مصري خالص , فالمصري كان في هذا المشهد التراجيدي, للأسف الشديد, قاتلا ومقتولا !
ضحية وجلادا!
سكينا وطعنة
إن المشاهد التي بثتها القنوات الفضائية و صورت الهرج والمرج الذي حصل عقب انتهاء المباراة , لا تمتّ بأي صلة للأخلاق الرياضية التي يتحلى بها جمهور كرة القدم , ولا لأخواننا المصريين من أصحاب الروح المرحة واللطف والظرف والوداعة !
فما شاهدناه كان شيئا مختلفا تماما عما عرفناه عن هذا الشعب الطيب !
[COLOR=#EE112B]فما الذي حدث؟
هل يمكن لنا أن نتخيل أن مباراة تجري ضمن الدوري المصري ستسفر عن مجزرة بين الأشقاء ؟
[/COLOR]
بالطبع لا
ولكن ما الذي جعل كرة القدم التي تظل رمزا للمتعة والفن والجمال والسلام والتعارف بين الشعوب الى مناسبة للموت والتباغض والكراهية والفرقة وبالتالي ازهاق النفس التي حرم الله ؟
ما الذي جعل جمهورها الذي اعتاد أن يحتشد في الملاعب مستصحبا معه أعلاما وصورا للاعبين الذين يحبهم وطبول الفرح وأشرطة الإحتفالات والتصفيق والهتافات التشجيعية , مهيئا نفسه لمشاهدة عرض فيه متعة يحضر ملعب بورسعيد حاملا معه السكاكين والآلات الحادة والهراوات ليتحول الملعب الى ساحة قتال بين الأخوة تسفر عن مجزرة!؟
هل لأذناب النظام المصري السابق يد في ذلك كما يلمح البعض ؟ أم أن هذه شماعة جديدة تعلق عليها أية حكومة جديدة عجزها عن حل تلك المشكلات بسبب قلة خبرتها؟
لست أدري
لكن يبدو أن الأحداث التي مرت في المنطقة منذ اندلاع الربيع العربي غيرت من تركيبة الشخصية العربية فجعلت مشاهد الدم مألوفة من خلال ماتبثه الفضائيات من صور وأفلام ومشاهد تقشعر لها الأبدان , وصارت الشعوب عدوة نفسها بدلا من أن تتحد وتتلاحم وتكون أكثر قربا الى بعضها البعض مما كانت عليه في الأزمنة التي كانت الحكومات التي ثارت عليها مسيطرة!!
صارت الشعوب تفطر على صور الدم
وتتعشى عليها !
وقد ساهمت تلك الفضائيات في تكريس تلك الصور ضمن تسابق محموم بينها
والفضائية الناجحة هي التي تعرض صورا أكثر دموية
وفي كل الأحوال , فما جرى في ملعب “بورسعيد” جريمة بكل المقاييس الرياضية والأخلاقية والإنسانية والوطنية وينبغي أن تدرس أسبابها لمنع تكرارها والا تحولت ملاعب كرة القدم الى حلبات لمصارعة الثيران
وطبعا بدون ثيران !!