تحدثت في الجزء الأول من هذا المقال عن مثلث الخير المتشكل من حاجات المجتمع وقيم المانحين والجمعيات الخيرية، وكيف ان تنوع القيم من مانح إلى آخر تسهم في خدمة تنوع أهداف الجمعيات الخيرية. من هنا ينبغي على المؤسسات الخيرية أن تنطلق إلى الموائمة بين حاجات المجتمع وقيم المانحين. ويمكن أن يتأتى ذلك من خلال الاعتماد على أسلوب الجذب الذي يتمثل في انطلاق رجال المؤسسة الخيرية خارج جمعيتهم لبناء علاقات خارجية، والاندماج في المجتمع، ثم تقديم أسباب منطقية لأفراده لكي يبادروا طوعا في إدراج الجمعية ضمن خبراتهم الشخصية. فنحن هنا لا نقتحم مجالسهم ونقاطع أحاديثهم، ولا نتحكم في قناة أو رسالة غير مجدية. لذلك سيرتاح الناس لما نقول ويتوقون إلى التعرف علينا وعلى جمعياتنا بشكل أفضل. وبذلك فإن أسلوب الجذب يقود إلى الظفر بمتبرعين على المدى الطويل. كما أن الفكرة الرئيسة في أسلوب الجذب أنه يمكننا من الحصول على مانحين يشاركوننا نفس قيم جمعياتنا كما يساندون التغيير الذي ننوي إحداثه من خلال جمعياتنا عبر دعمهم لأنشطتها. إن أسلوب تسويق الجذب يجعل مهمتنا أسهل لأننا لن نضطر إلى البحث عن الإبرة في كومة القش بل سننطلق لنعبر عن هوية الجمعية التي نمثلها ونعرض رسالتنا وقيمنا ونندمج مع مجتمعنا، وبهذا يلتف الناس حول جمعيتنا، وبدلا من تنظيم احتفال عام يجمع جمهور كبير ربما معظمهم لا يهتمون سوى بالاستمتاع بالبوفيه يمكننا أن نستفيد من وسائل الإعلام الاجتماعي ( مدونات، فيسبوك، تويتر…) ونقدم أنفسنا من خلال هذه الوسيلة أو تلك كمهتمين بجانب محدد من العمل التطوعي، عندها سيجتمع حولك المهتمون فقط بذلك الجانب. ويمكننا أيضا أن نقيم حفلا ندعو إليه فقط مجموعة الداعمين لجمعيتنا ونستحسن منهم لو رافقهم أصدقائهم الذي يشاركونهم نفس الاهتمامات.
ولا شك أن ثقة الأفراد المانحين ستزداد كلما وجدوا أن دعمهم يتحقق من خلال مشاريع خيرية تتوافق مع قيمهم وتبرز نتائج إيجابية لعطاءاتهم. لذلك من المهم جدا التواصل مع المانحين من خلال التقارير المكتوبة والمصورة والزيارات المقصودة.
ختاما، تتحدث دراسة إحصائية أجريت في كندا أن نسبة كبيرة من الأفراد المانحين هم من المتدينين، هذا في الغرب. ومن فضل الله علينا اننا مجتمع إسلامي متدين ووفقا لشريعة سمحة صحيحة مما يعمق روح الدعم والبذل في نفوس أفراد مجتمعنا، يبقى دور الجمعيات أن تستثمر هذه الميزة وتقوم بالتواصل معهم عبر تقارير مكتوبة ومصورة وبالقيام بزيارات مقصودة لهم.