عندما يصاب الانسان بفاجعة يجد نفسه عاجزا عن الكلام ، فلا الكلمات قادرة على الايفاء بهذه الفاجعة ، ولا العبارات تستطيع ان تجسد حجم المصاب .
لقد فقدت المملكه والأمتين العربية والإسلامية رجل دولة من الطراز الفريد ، فهو لم يسهم فقط في بسط الإستقرار الأمني في ربوع المملكة من خلال عمله كوزير للداخلية فحسب وإنما من خلال مساهماته في العديد من الأنشطة التي يصعب إحصاؤها في جميع المجالات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والأمنية وتوفير الراحة والأمان للمواطنين والمقيمين وضيوف الرحمن خلال مواسم الحج .
لقد أنعم الله على هذا القائد بعقلية فذة وبصيرة نافذة وضعته موضع المفكرين المبدعين اللذين لن ينساهم التاريخ ، فأضحت مبتكراته ومنهجياته علوماً تدّرس في الجامعات ، ولعل التجربة الرائدة للمملكة في مكافحة الإرهاب التي استحقّت ان تحظى بتقدير عالمي ، والتي يعود الفضل فيها بعد الله سبحانه وتعالى الى هذا القائد الفذ وهي ريادة باتت أنموذجاً يحتذى بشهادة الخبراء الدوليين والأمنيين الذين وجدوا فيها نجاحاً باهراً ، فقد استطاع-رحمه الله- بحنكته المعروفة وحسّه الأمني العميق ان يتصدى للتخريب بكل اشكاله وان يجنّب الوطن ويلاته ، فأسس منهجا قويماً لكل من سيأتي من بعده ، ووضع أسساً أمنيه وفكرية لمكافحة الإرهاب ، باتت مسلكا للعديد من الدول .
إن هذه المكانه التي يحتلها الفقيد في قلوب شعبه لم تكن وليدة الصدفه ، وانما كانت نتيجة لعطاءاته وإنجازاته وجهوده التي تتمثل حاضرة وشاهدة في سجل هذا القائد العظيم الذي امتدت أياديه البيضاء بالخير لكل أبناء المملكة ، بل وتجاوزت لمساعدة كل من يحتاج إلى المساعدة في الدول الشقيقة والصديقة.
لقد فقدنا رجلا عمل بكل جد ومثابرة وإخلاص ، إنه رجل الأمن الأول وصمام أمانه ، ومن كرس حياته وجهده للحفاظ على مكتسبات أمته من خلال أدائه الراقي للمسؤولية وإنسانيته الكبيره وإيمانه العميق وحبه لوطنه وإخلاصه لمليكه ، فلقد كان قائداً فذاً يدافع عن الإسلام والمسلمين وله اسهامات ومشاركات عدة في حماية العقيدة الإسلامية والسنة النبوية ومبادرات متنوعة في البحوث والدراسات الإنسانية ومعالجة الأزمات العالمية.
وقد كان الفقيد مثالا لرجل الدولة الحريص على مصالحها ، ونعمت المملكة طوال توليه وزارة الداخلية ثم وليا للعهد بالأمن والاستقرار ، فكانت حاضرة وفاعلة في كافة المحافل العربية والإقليمية والدولية الهادفة إلى نشر الأمن والاستقرار .
ولا يمكن أن نتجاوز مناقبه دون الإشارة إلى بصماته في موسم الحج ، فقد حمل على عاتقه الحفاظ على أمن الحجيج وترؤسه لجنة الحج العليا التي استطاع من خلالها توفير كافة السبل لأداء الحجاج مناسكهم في يسر وسهولة ، فقد اعتبر راحة ضيوف الرحمن وخدمتهم وسام شرف على صدره وعلى صدر كل مواطن.
فلا يسعنا إلا الإبتهال إلى الله العلى القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزل له الأجر والثواب على ما قدمه من أعمال لخدمة دينه ومليكه ووطنه ، وأن نرفع خالص العزاء والمواساة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله والى كافة أفراد الأسرة المالكة الكريمة وأبناء الوطن في فقيدهم الغالي.