منذ بداية هذا الشهر الكريم شهر رمضان وانا اتعمد الافطار حينما اكون في الحرم في اماكن مختلفة, بهدف اثراء البحوت والدراسات التي اقوم بها حول المسجد الحرام وتاريخه وآدابه , وللالتقاء بأكبر عدد من ضيوف الرحمن لمعرفة قصصهم مع بيت الله وأهل مكة .
وقد سرني وأدخل السرور لقلبي العاشق لمكة واهلها ذلك التنافس المحمود والتسابق الشريف على خدمة ضيوف الرحمن من قبل أهالي مكة صغارآ وكبارآ, فقبل يومان دخلت بصعوبة بالغة لمناطق يصعب الوصول اليها بسهولة وهي وسط جموع الطائفين وكان الوقت قبل المغرب بدقائق, وكنت ارغب في رصد حالة الطائفين في هذا الوقت وكيف يفطرون, فشاهدت عجبآ, مجموعات من اهالي مكة بعضهم مع ابنائه الصغار وقد كونوا فرقة خاصة لتفطير الطائفين , فهذا يحمل سبت به تمور والأخر ترمس زمزم صغير والثالث كيس كبير للنفايات , والرابع ثلاجة قهوة وهكذا وقد فطرت معهم , ولمست النفحات الايمانية التي غمرتهم وكأن دعاء الطائفين لهم قد نزل بردا وسلاما علىيهم رغم شدة الحرارة والزحام.
وقد انتقلت في مواقع مختلفة في ايام اخرى فوجدت مجموعات مكية اخرى تقوم بنفس العمل وبتنافس شريف وسباق للخيرات لايعرفه الا من قذف الله تعالى في قلبه حبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وحب بيته العتيق وضيوف الرحمن.
وقد كان الناس يعتقدون ان هذه الاعمال التي تخص اهل مكة فيها قد انقرضت, ولكن هذا المقال وهذا التقرير يؤكد ان اهل مكة يتجددون مع الزمن ويطورون من اعمالهم , حتى ان بعضهم يحمل المناديل وبخاخات ماء زمزم المخلوط بماء الورد لتلطيف الجو على ضيوف الرحمن.
هذه تحية شكر وتقدير مني لأهلي أهل مكة وهذا ليس بمستغرب على من اختارهم الله تعالى لجوار بيته العتيق , وهذا لاينقص من الجهود الجبارة التي تبذلها الجهات الرسمية في الحرم والتي تستحق بعضها ان تدخل موسوعة (جينس) للارقام القياسية مثل نظافة الطواف بعد المغرب , ولكنها انطباعات احببت تسجيلها وسأوثقها في احد كتبي ان شاء الله لتبقى شاهدا على جهود وتنافس جيران الحرم , وهذه دعوة لمن لايعرف هذه الاعمال للاستمتاع بها وبطاعة الله ولو مرة في العمر, ودعوة لحب أهل مكة وتقديرهم حق تقديرهم فهم جيران البيت وأهل الله… شكرآ أهل مكة .