قرارات الرئيس المصري المنتخب د. محمد مرسي بإلغاء الإعلان الدستوري المكبل وإحالة بعض قيادات الجيش المصري إلى التعاقد وترقية وتعيين قادة جدد للقوات المسلحة المصرية مسترداً بذلك السلطات الدستورية لرئيس الجمهورية كاملة غير منقوصة ومنهياً حكم العسكر الذي استمر لأكثر من ستين سنة عقب حركة 23 يوليو 1952م، قد تسترجع صورة من الصراع الذي أداره الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ضد ما عرف حينها بمراكز القوى التي ورثت نظام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وعمدت لاختيار رئيس صوري لتمرير فترة الانتقال . . ولم تفطن تلك المراكز إلى عقلية السادات ذلك الفلاح المصري “العُقر” الذي بالغ في تمسكنه حتى تمكن من الحكم بالشرعية الدستورية بعد أن أطلق ما أسماه ثورة التصحيح في 15 مايو 1971م .
لم يشذ الرئيس د. محمد مرسي عن أنور السادات في اللجوء لدهاء الفلاح المصري فعمل على تهدئة الأوضاع والحد من حالة الاستقطاب السياسي الحاد وإظهار الاحترام لقوى الدولة العميقة التي شرعت في وجهه الإعلان الدستوري المكبل لسلطاته واستخدمت القضاء والمحكمة الدستورية في فرملة قراراته واستغلت الآلة الإعلامية الضخمة التي يديرها فلول النظام السابق وتحمل سيلاً من الشتائم والسخرية وتعرض لحملات التقليل من شأن الرئاسة وتقزيم أعمالها ومنجزاتها . . حتى فاجأ الرئيس مرسي الجميع بقراراته الأخيرة التي أطاحت بسطوة المجلس العسكري إثر أحداث رفح الإرهابية منهياً ــ في أقل من شهرين من حكمه ــ مرحلة فريدة من ازدواجية السلطة ألقت بظلالها السالبة على حركة الإصلاح والتغيير والتطهير لأجهزة الدولة التي تنشدها القوى الثورية .
بالطبع لن تستلم قوى الثورة المضادة وتحالفها مع بعض القوى المناوئة لحركة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي عموماً وقد يلجأ “الطابور الخامس” لسيناريوهات مرعبة وعنيفة مستغلين حالة الانفلات الأمني في تأجيج الفتنة الطائفية وإحداث خروقات أمنية كبيرة تفجر الوضع وتجعل الاستنجاد بالقوة العسكرية أمراً مبرراً لأحداث انقلاب جديد على السلطة المدنية ولن يغلب الإعلام المنفلت من عقاله في التهويل “بالفزاعة الإسلامية” من خلال بعض التصريحات المنسوبة لبعض الإسلاميين المتشددين خاصة فيما يتعلق بسياسات مصر الخارجية أو موقف بعض السلفيين من قضايا المرأة والحريات العامة والإبداع الفني، هذا بخلاف الحملات الإعلامية المنظمة لشيطنة الملتزمين دينياً وإظهارهم بمظهر محطمي الحضارة الإنسانية لا المساهمين في بناء نهضتها الحديثة.
إبراهيم عيسى هدل
مقال في الصميم
مقال في الصميم