بخيت طالع / صحيفة مكة الألكترونية
أَكَّد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة -المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"- أنه لا يحق للحكومات ولا لغيرها انتهاك خصوصيات الناس إلا بموجب قانون واضح وإلا فإن خصوصية الفرد وحقوقه الشخصية أمور مهمة وحمى لا يجوز لأحد أن يخترقه أو يتعدّاه.
وقال الشيخ سلمان ـ في حلقة أمس السبت من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يُبَثُّ على فضائية mbc، والتي جاءت تحت عنوان "فقه التقنية" ـ إن اختراق البريد الإلكتروني لبعض الأشخاص أصبح ظاهرة منتشرة ، حيث غالباً ما يكون ذلك وراءه هدف تجسس، أو جهات أمنية ، أو قد يكون الهدف من وراء ذلك مجرد الفضول والإطلاع أو السرقة والحصول على بيانات أو معلومات، موضحاً أن هذا يعتبر سرقة.
وأضاف فضيلته أن المتقدمين كانوا يعتبرون من أخذ قصيدة أو كتاب أو ما أشبه ذلك "سرقة أدبية" ، وعلى ذلك فإن هذا سرقة أدبية و أخلاقية لخصوصيات هذا الإنسان وعدوان عليه ، وهذا أمر محرّم حتى لو كان الذي يقوم به لأي غرض ، أو كانت جهات رسمية أو غير رسمية إلا بموجب قانون واضح.
[COLOR=blue]حقوق الملكية الفكرية[/COLOR]وفيما يتعلق بأن حقوق الملكية الفكرية تُختَرق من قِبل بعض المثقفين وأحيانًا العلماء والمشايخ، قال الشيخ سلمان: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْه عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِه أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَه » فالعلم الذي يُنتفع به هو من عمل الإنسان ويبقى له حتى بعد موته إذا كان يبقى له أجره في الآخرة، وهذا بنصِّ الحديث النبوي، فكذلك ينبغي إذا كانت له مستحقَّاتٌ دنيوية أن تبقى له أو لورثتِه من بعده.
وأضاف فضيلته: إن هذا الحديث يمكن الاعتمادُ عليه في تأصيل حقوق الملكية الفكرية، سواء أكانت هذه الحقوق تتعلق بكتاب يُطبَع، أو ببراءةِ اختراع في إنجاز من الإنجازات، أو بِاسمٍ تجاري أو ماركة معينة، أو كانت هذه الحقوق تتعلق بعمل بُذِلَ فيه مال، لأن هذا المنتج ليس فقط فكرة، وحتى لو كان فكرةً مجردةً هو حق لي، لكن هذه الفكرة بُذلَ فيها مال وتَعِب الإنسان وضحَّى وغامر من أجل أن تتحول هذه الفكرة إلى منتج أو إلى واقعٍ عمليٍّ ملموس.
[COLOR=blue]معتَبَرة في الإسلام[/COLOR]وأكد الشيخ سلمان أن حقوق الملكية الفكرية معتبرَة في الإسلام حتى في القضايا الشرعية، فهب أن شخصا ألَّف كتابًا شرعيًّا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّه» ويقول لذلك الرجل الذي أراد أن يتزوج امرأة وما عنده مال قال: «زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» وهذا يدل على أن الأشياء الشرعية فضلًا عن الأشياء المادية فضلًا عن الأشياء الدنيوية لها اعتبارات ولها قيمة.
وذكر فضيلته أن الحفاظ على هذه القيمة ينطلق من كونه:
1- حفاظًا على المال الذي بذله الإنسان.
2- مدعاةً لاستمرار هذه الإنجازات في مجتمعنا لأنها مصادر دخل لأُناسٍ، قد تغنيهم عن أن يضربوا في الأرض أو يذهبوا للتجارة، لأنه من خلال هذا العمل والعكوف عليه سيحصلون على الرزق وعلى القوت الدنيوي.
3- مدعاةً للإبداع: ولذلك يمكن القول أن المجتمعات التي تقتل الحقوق هي تقتل الإبداع؛ لأنه لا قيمة لأن أَجْهَد في مسألة تحصيل حقوق معينة أو براءة اختراع، وأنا أعرف أنه بعدما أقوم بهذا البرنامج وأبذل فيه عشرات الملايين فإن بعض الناس سوف يقومون بسرقته ويأخذونه ويرون أن الحصول عليه من باب كتمان العلم، وأنه لا يجوز أن يُكتم العلم.
[COLOR=blue]ليس نضالا[/COLOR]وأضاف الدكتور العودة: جاءتني رسالة من شاب يقول: أعترض على اثنين؛ الأول واحد من الشباب قال له: إن عملية القرصنة هذه أو محاولة كسر الاحتكار أو كسر الحماية لأي منتج من النسخة الأصلية أن هذه العملية عملية جهاد أو نوع من النضال الوطني، وتعقيبًا على ذلك قال الشيخ سلمان: هذا خطأ، لأن النضال الوطني هو في المحافظة على هذه الأشياء وتشجيع الناس على أن يخترعوا ويبدِعوا ويحافظوا على حقوقهم.
أما الثاني فيقول: إن طالب علم شرعي شكَّك في أن سرقة بعض حقوق الملكية الفكرية هل ينطبق عليها أنها سرقة، قال الشيخ سلمان: إن الأصل أن المعاني الشرعية مربوطة بمقاصدها، فإن الإنسان -مثلًا- لو سرق من متجرٍ عُوقِبَ واعتبرت هذه جريمة، فكيف إذا قام بالسطو على بنك بأكمله؟!
[COLOR=blue]الرقابة على المصنفات الإعلامية[/COLOR]وفيما يتعلق بضعف الرقابة على المصنفات الإعلامية من الأقراص والبرامج المدمجة، قال الشيخ سلمان: نعم، ولقد شاهدنا ذلك في ماليزيا، وتايلاند، ومعظم بلاد العالم يوجد فيها أسواق للأشياء المنسوخة، وهي تُعتبَر في نظر القانون الدولي جريمة، كما أنها كذلك في نظر الشريعة، لافتًا إلى أن هذه المصنفات قد تكون أحد أمرين:
1- محميًّا: وهذا يجب المحافظة عليه، بل بعضها في بدايتها تجد تعهُّدًا وقسمًا بالله.
2- غيرَ محميٍّ: وهو الذي يسمُّونه حرًّا أحيانًا، وهذه أيضًا بدأت تكثر في الأسواق ولها ميزات واعتبارات أنها ليست أشياء محميَّة أو معتبرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» وعلى ذلك فإنه يمكن القول بأن الأقراص المحمية أو البرامج المحمية لا يجوز السطوُ أو العدوان عليها أو لنقل نسخها ونشرها إلا بإذن أصحابها.
[COLOR=blue]الهاكرز[/COLOR]وتعقيبا على تقرير الحلقة والذي التقى بعض الشباب الهاكرز في فلسطين يعملون في تدمير المواقع التي تحارب أو تسبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم أو تحارب الإسلام، هل هذا جائز أم لا ؟ قال الشيخ سلمان: إن الشعب الفلسطيني شعبٌ رائع ونحن نتعلم منه الكثير، وأحسن ما نتعلم منه الصبر والقدرة على الانتماء الصادق إلى الأرض وإلى القِيَم التي يعيشها هذا الإنسان.
وأضاف فضيلته: إن الهاكرز ليست صورة سلبية كما يصوِّر البعض أنها قرين اللصوص أو رديف كلمة اللصوص، ولكن يكفي أن تعرفَ أن مايكروسوفت قامت بتوظيف الهاكرز، وتعطيهم المال مقابل أن يقوموا باختراق برامجها، فلماذا؟ لأنهم يدُلُّونهم على نطاق الضعف، وبالتالي يمكن أن يساعدوه في إمكانية تلافيها في منتج جديد أو مطوَّر.
وأوضح الدكتور العودة أنه يمكننا أن نفرِّق بين نوعين من الهاكرز:
1- الهاكرز الإيجابي: ولذلك يطلق عليهم أحيانا "القبعات البيض".
2- الهاكرز السلبي: ولذلك يطلق عليهم أحيانا "القبعات السود"، وهم الذين يقومون بالتجسُّس أو التلصُّص أو اختراق المواقع الإلكترونية بِنِيَّة التجسس أو نشر الفضيحة أو لأهداف أمنيَّة أحيانًا، أو للسرقة أو لغير ذلك من الاعتبارات، مشيرًا إلى أن هذه صور محرَّمة وعدوانيَّة، سواء أكانت على شخص أو على غيره وسواء استهدفت المال أو العرض.
3- الهاكرز الخليط: وهم ما يطلق عليهم أصحاب "القبعات الرمادية " التي مرة ومرة فمرة يكونون إيجابيين، وأخرى سلبيين "خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا" (التوبة 102).
[COLOR=blue]تدمير المواقع[/COLOR]وفيما يتعلق بتدمير المواقع أوضح الشيخ سلمان أن هناك مواقع كثيرةً جدًّا مفيدة لا يجوز التعرُّض لها، لكن هناك مواقع ذات موقف عدائي تمثِّل أشخاصًا هم في حالة حرب حقيقي مع الإسلام، فهذه المواقع هي جزء من الاستهداف المعقول، وذلك مثل تلك المواقع التي تسُبُّ الرسول عليه الصلاة والسلام وتخصص في مثل هذا العمل أو ما أشبه ذلك.
وأضاف فضيلته: لكن علينا ألا نشغَلَ أنفسَنا بهذا؛ لأن الإنجاز والبناء ينبغي أن يكون هو الأصل، وليس التدمير، كذلك فإن بعض الإخوة قد يقعون في خطأ أنهم بدون قصد يُدَشِّنون دعاية لهذا الموقع من خلال نهيِهم لمن لا يعرفونه من الدخول عليه، لافتًا ينبغي أن نكون واعين وألا نقع ضحايا لها.
[COLOR=blue]مأجور أم مأزور[/COLOR]وردًّا على سؤال يقول: هل الهاكرز الإيجابي مأجور أم مأزور؟ قال الشيخ سلمان: إن شاء الله مأجور على الأقل بِنِيَّتِه، وعلى ذلك فإن الأمر متوقف على النيَّة، فإذا كان مثلًا دمَّر موقعًا يُسيءُ للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو موقعًا صهيونيًّا عدوانيًّا فأرى أن هذا العمل ضمن المواجهة وضمن دائرة الصراع، لكن المواقع الأخرى التي ليس لها علاقة بهذا الموضوع تعتبر حمّى، والأصل هو أنها محميَّة وأن لأصحابها حقوقًا لا يجوز تعدِّيها، مشيرًا إلى أن المؤمن ينبغي أن يكون عنده مرجعيةٌ وتقوى وسؤال.
[COLOR=blue]لماذا فقه التقنية ؟!![/COLOR]ورداً على سؤال يقول لماذا تتحدثون عن فقه التقنية ؟ هل لأننا أمام أسطول كامل متغير علينا في السنوات والعقود الأخيرة فاضطررنا أن نتحدث من باب التأصيل الشرعي ، وأن نحاول أن نوجد له مدونات فقهية ؟ ، قال الشيخ سلمان: إن مصطلح "فقه التقنية" قد يكون مصطلحا جديداً ، مؤكداً على أهمية إشاعة وترويج هذا المصطلح لأنه يُزاوج بين الفقه بمفهومه الشرعي والحياتي وبين التقنية التي هي أبرز ملامح العصر الحاضر.
وأضاف فضيلته: لقد قرأت في إحدى صحف اليوم حديثاً عن جامعة فرانكفورت ، وما قامت به من إعداد وطباعة كتاب من ستة أجزاء عنوانه (الإسلام والعلم والتقنية) ، باللغة الألمانية ، حيث يقوم عليه مجموعة من الغربيين الألمان وبعض المستشرقين، وقدّم له الدكتور فؤاد سزكين المستشرق التركي المعروف، والذي تحدث ضمن المقدمة بحديث مطوّل عن الإنجازات الإسلامية في التقنية التاريخية وقام بتعريف كل واحد منها ، فكان هذا العمل إشارة واعتراف بالأهمية والجهد الإسلامي العظيم عبر التاريخ.
وأردف الدكتور العودة أن هذا يُذكّرنا بكتاب (ألف اختراع واختراع) للدكتور سليم الحسني ، مشيراً إلى علاقة الإسلام القوية بالمعرفة، فكان القرن الإسلامي الأول والثاني شاهدين على قدرة من المسلمين على استدعاء معلومات الشعوب وخبراتها وتجاربها وأخذها، أما القرن الثالث فقد شهد قدرة إسلامية على الإبداع والابتكار والاختراع والتطوير، فيما شهد القرن الرابع وما بعده أيضاً ، إضافة إلى ما سبق ، القدرة على ترجمة هذا المنجز الإسلامي للغات الأخرى.
[COLOR=blue]تجليات الحضور الإسلامي[/COLOR]وأوضح فضيلته أن هذا المنجز الحضاري التقني التاريخي المعرفي هو من أبرز ما يمكن أن نقول إنه من تجليات الحضور الإسلامي ، خلافاً لما قد يظنه البعض أن الحضور الإسلامي يتمثّل في عملية فتح الأمصار وهو ما يمكن أن نسميه الإنجاز العسكري ، بينما هناك الإنجاز المعرفي والإنجاز التقني عبر التاريخ الإسلامي وهو شيء في غاية الأهمية والعظمة .
وقال الدكتور العودة أن كون التقنية الآن منجزًا غربيًّا بصورتها الحالية هذا لا شكَّ أنه أوجد قدرًا من الجفوة لدينا كمسلمين، سواءٌ على مستوى ساستنا أو العوام من الناس في التعامل مع هذه التقنية، لافتًا إلى أنه أصبح هناك توجس في التعامل، مما ترتب عليه أن تكون لغة الحظر والتحريم هي الغالبة، لأن أي تقنية جديدة تأتي يصبح لدينا إحساس بأن وراء الأكمة ما وراءها وهذا يولِّد سوء الاستخدام للتقنية، فضلًا عن أنه يفرز التهيُّب وعدم الاقتحام.
فوجدنا أنفسنا نحتاج إلى وقت طويل جدًّا حتى نقتنع بأن التلفاز، حيث أصبح من ضروريات الحياة، أو لِنَقُلْ هذا المنتج الجديد أصبح لا غنى عنه، إضافة إلى أن هذا سيساهم في استمرار عملية التخلُّف الإسلامي إذا ظلَّت العقلية الإسلامية تنظر بالريبة والتوجس إلى هذا العمل.
الجفوة ما بين الدين والعلم أخطر الفتن
سلمان العودة: ليست الدول الغربية هي المسئولة عن تخلفنا
أَكَّد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة -المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"- أن الدول الغربية ليست هي المسئولة عن تخلفنا، مشيرًا إلى أننا نعيش مرحلة تخلف حضاري، بدرجة وصلت إلى أننا أصبحنا نشكِّك في القيم.
وقال الشيخ سلمان في حلقة أمس السبت من برنامج "حجر الزاوية"، والذي يُبَثُّ على فضائية mbc، والتي جاءت تحت عنوان "فقه التقنية": إن تراثَنا المنهوب هو نتيجة نقصنا وتخلفنا، أين تراث العراق؟! وكيف ذهب؟! فنحن الآن نعيش في مرحلة تخلف حضاري.
جاء ذلك تعقيبًا على مداخلة تقول: إن العالم المثالي غير موجود، ولكن ماذا عن مكتباتنا وتراثنا ومتاحفنا التي أُحرقت وثرواتنا المنهوبة؟ وماذا عن المغالاة في سعر هذه البرامج الإلكترونية؟
[COLOR=blue]جفوة وتوجس[/COLOR]وأوضح الدكتور العودة أن كون التقنية الآن منجزًا غربيًّا بصورتها الحالية هذا لا شكَّ أنه أوجد قدرًا من الجفوة لدينا كمسلمين، سواءٌ على مستوى ساستنا أو العوام من الناس في التعامل مع هذه التقنية، لافتًا إلى أنه أصبح هناك توجس في التعامل، مما ترتب عليه أن تكون لغة الحظر والتحريم هي الغالبة، لأن أي تقنية جديدة تأتي يصبح لدينا إحساس بأن وراء الأكمة ما وراءها وهذا يولِّد سوء الاستخدام للتقنية، فضلًا عن أنه يفرز التهيُّب وعدم الاقتحام.
فوجدنا أنفسنا نحتاج إلى وقت طويل جدًّا حتى نقتنع بأن التلفاز، حيث أصبح من ضروريات الحياة، أو لِنَقُلْ هذا المنتج الجديد أصبح لا غنى عنه، إضافة إلى أن هذا سيساهم في استمرار عملية التخلُّف الإسلامي إذا ظلَّت العقلية الإسلامية تنظر بالريبة والتوجس إلى هذا العمل.
[COLOR=blue]عقلية متخلفة[/COLOR]وضرب فضيلته مثالا لذلك، قائلًا: لقد قرأت اليوم مقالًا أعجبني من كتبه لأنه طالب علم شرعي وسُرِرت بأنه كتب عن التقنية لكنني فوجئت صراحة بأنه عندما تحدث عن أسباب تخلفنا في التقنية قال: إن السبب الأول: الجهود الضخمة الذي يبذلها الغرب في حرماننا من التقنية!
وعقب الدكتور العودة، قائلا: عندما قرأت ذلك شعرت بأن هذه العقلية هي عقلية لا زالت متخلفة وبحاجة إلى أن نعيد النظر فيها؛ لأن هناك سؤالًا بسيطًا يقول لنا: قبلَما تتحدثون عن جهود الغرب في حرمانكم من التنقية، هل قدَّمتم أنتم مشروعكم الذي حاولتم فيه الحصول على التقنية أو استنبات التقنية أو الوصول إليها بأي شكل من الأشكال؟!
[COLOR=blue]الجفوة ما بين الدين والعلم[/COLOR]وتساءل فضيلته: أي مشروع عربي أو إسلامي أو وطني في أي دولة من الدول حاول ذلك ثم وصل إلى طريق مسدود؟ مشيرًا إلى أن الجفوة ما بين الدين والعلم من أخطر الفتن المعاصرة، ففي يوم من الأيام كان الناس يُشكِّكون في دوران الأرض، وبعض العلماء من باب الورع يقولون: دارت أو لم تَدُر هذا أمر لا يعنينا، بينما العلم عندما استبطن هذه المعلومة وظَّفها فيما يتعلق بالفضاء والأقمار الصناعية وكثير من الإنجازات والمخترعات الهائلة التي أصبحنا نعاني منها ما نعاني.
وضرب فضيلته مثالا لذلك بـ"كروية الأرض"، حيث هناك من يترددون، وهناك من يفهمون معانٍ شرعية وينزِّلونها تنزيلًا علميًّا قاطعًا دون أن يراعوا في ذلك احتمالاتِ اللغة ودلالاتها ومعانيها، مثل قوله سبحانه وتعالى: "وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ" (الغاشية 20) وقوله سبحانه وتعالى: "وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا" (النازعـات 32).