بقلم : محمد بن ربيع الغامدي[/JUSTIFY]
[JUSTIFY] ووجهنا الجميل هو المملكة العربية السعودية، يسمونه في علم السياسة كيانا، ويسمونه في علم الجغرافيا دولة، وأسميه في حب الوطن وجها جميلا مشرقا، نحتفل في كل عام بنضارته وبهائه، فاليوم الوطني عندي هو يوم وجهنا الجميل البهي المشرق.
لقد توحدت بلادنا وكانت أفاريق متفرقة، لا يجمعها جامع رغم الدين الواحد واللغة الواحدة والمنبت الواحد، كانت فيها دول ومشيخات صغيرة وقبائل متعددة، وما كان السلام ليعم في جهة من جهات الجزيرة العربية إلا ليتأزم في مكان آخر، وكان الثأر لغة متداولة بين الناس، وكان الغزو وزحف البيارق لغة متداولة بين دول ذلك العصر ومشيخاته.
هذا تاريخ موثق ، مالم أدركه في وثائقه أدركته في ذاكرة أشياخنا، لقد اتفقت ذاكرتهم مع الوثائق في وصف حالة الباحة – على سبيل المثال – خلال قرنين سبقا توحيد المملكة ، فقد كانت الباحة منطقة حدّية تتنازعها مملكة أشراف مكة مع أمراء عسير مع أمراء الأدارسة، فما يستولي عليها فريق حتى ينهبها فريق، وفي كل مرة تشتعل النيران في القرى، وتقطع الرؤوس وتعلق في أشجار اللوز.
ومثل هذا كان يحدث في كل مكان، عدا مدن معدودة يسودها الأمن على حرف، فلا يدوم لها حال، ولا يمنعها من عوادي الزمان والمجاعات والعتاة والطغاة مانع، بل قد تجد من المتنفذين من يبيع الأمن لفريق من اللصوص بثمن بخس، فيصول اللص ويجول وكثيرا ما يستهدف الحجاج دون رادع من أحد، هكذا جاء في بعض الكتب التي أرخت لذلك الزمان.
لقد خرجت بلادنا عقب حروب توحيد المملكة مثل مريض أبل أو محموم أفرق، وكانت حروب الملك عبد العزيز هي أقل حروب الدنيا ازهاقا للأرواح، بل تميزت واختلفت عن كل حرب بأمر مهم، أن المهزوم فيها ينخرط في صف المنتصر موظفا عاملا آمرا ناهيا وكأنهما لم يتحاربا بالأمس، وهذا يعود لسمو الهدف الذي كان عبدالعزيز يتوخاه من وراء حروبه تلك.
كان خالي المرحوم العقيد مطر بن جمعان الغامدي واحدا من أولئك، قائدا في قلعة جدة ، سقطت دولته وخرج منها حاكمها فاختبأ هو خوفا من الدولة الجديدة ، وعندما أنهكه الاختباء نصحه صاحبه المرحوم ” مدنّه الظفيري ” بأن يسلم نفسه للملك عبد العزيز، قال لي : فذهبت اليه وعرفته بنفسي وبمنصبي فبادر بالسؤال: انت من أطلق قذيفة المدفع على جيشنا وهم في صلاة المغرب؟ فلما قلت نعم بان عليه الأسى والغضب، لكنه قال : لا حول ولا قوة الا بالله، ثم أردف : تقتل إخوانك وهم في الصلاة ؟ فقلت : هي الحرب يا سيدي، فاسترجع ثانية واستغفر الله العظيم ثلاث مرات ثم قال: تعوّد معنا ؟ أي تعمل معنا ، فقلت نعم ومن يومها أصبح ضابطا في الجيش السعودي شارك في بقية حروب التوحيد التي أعقبت استسلام جدة.
عندما قاد الملك عبد العزيز تلك الحروب كان يستهدف صهر تلك المزق في بوتقة واحدة ولقد نجح ، ثم عضده رجال حوله من أهل الحل والعقد فاقترحوا اسم المملكة العربية السعودية فكان هذا الاسم وجها جميلا لبلاد جميلة، إنها “مملكة” لأن نظامها ملكي وما أكثر الخير في الممالك، وهي عربية والعروبة وعاء الاسلام، وهي سعودية تتشرف بابن السعود جامعا لشتاتها موحدا لأطرافها.
في هذا اليوم الوطني العظيم نستذكر عبدالعزيز الموحد ورجاله الذين صدقوا معه ومن بعده ، ندعو له ولهم بالرحمة ،ولسعود وفيصل وخالد وفهد، وندعو لأبي متعب بدوام التوفيق، ولكن ذلك لا يكفي إن لم نعضده بالمحافظة على وجهنا الجميل، المملكة العربية السعودية، لتبقى وجها جميلا مشرقا متناسقا ناضرا وإلى الله ترجع الامور.
[/JUSTIFY]