المحليةالمقالات

سودا زي القشطة

[RIGHT]سودا زي القشطة
بقلم : محمد بن ربيع الغامدي[/RIGHT]

[JUSTIFY] غناؤنا للطفل كي يسكت أو ينام هو غناء لأنفسنا أيضا نستعين به على عنت ذلك الطفل، وهو أيضا يشبه أي غناء نرتكبه عند قيامنا بعمل ما، لعلها حاجة في نفوسنا لشيء من الايقاع يحرك ما سكن من الهمه وما تثاءب من نشاط، ولعل فيها تصريف لحاجات وجدانية ظاهرة ومستترة، فهي أدوات تعبيرية مجانية على كل حال.

كنا خلال حقبة مضت نسمع أصوات آبائنا وأمهاتنا تتردد في جنبات الأودية وعلى سفوح الجبال، تصل الينا أهازيجهم كما يصل الينا الهواء فنتنفسهما معا، وكانت لنا أهازيجنا التي لانمل من ترديدها بكرة وأصيلا، وعندما انتقلت الى الطائف المأنوس تغيرت الكلمات فقط وبقي الغناء، فبدلا من : “الحجر بقلبه يا مليح الثلبه ” التي كنت اسـمعها في الباحة اصـبحت اسمع : “يا برشومي يا نبات يا للي زرعه طق ومات ، وين آقيل وين آبات يا برشومي يا نبات” وبدلا من: ” يا هلال يا سعيد القني في المسيد، وآعشيك وآغديك، واقطع لك راس الديك” أصبحنا نقول : “تيري ريري رته ، بابا يجي مته ،يجي الساعه سته ، راكب والا ماشي ، راكب بسكليته ، حمرا والا بيضا ، بيضا زي القشطه ، وسعوا لو السكه نوروا لو الحاره “.

ولقد حفظت هذه الأهزوجة كما يحفظها أقراني من أبناء المدينة وان كانت عبارة ” بيضا زي القشطة ” تشكل لي نقطة تردد أتلعثم عندها في كل مرة، فأنا لم أتعرف بعد على القشطة، ومن ثم لا اعرف لونها فإذا وصلت لهذه العبارة جئت بأي لون يطرأ على بالي، وكان الأسود أقربها إلى لساني، فكنت كلما قلت : سودا زي القشطة تناهى الى سمعي صوت أبي “رحمه الله” عبر نافذة المنزل مصححا : ” بيضا يا محمد الله يصلحك”!.

تداعت هذه الذكريات في خاطري وأنا استمع إلى اسطوانتين ليزريتين تضم في خلاياها مجموعة كبيرة من أغاني الأطفال وأهازيجهم كما كانت في زمن مضى في شوارع حجازية مضت ، والأسطوانتان تبدو كجزء من مشروع كبير تشرف عليه الحجازية ابنة الحجاز الدكتورة لمياء باعشن وينفذها مجموعة من الطواقم الشابة في مجال الموسيقى والغناء والتصاميم المساعدة .

اشتملت الاسطوانتان على مجموعة من تلك الأهازيج سمعت بينها : يا قمرنا يا مليح ، وكنت أظن انه لم يبق من حافظ لها غيري ، وأهزوجة : بطّح ، وتاتي ، وحج يا جملنا ، ودوها وغيرها كثير، إضافة لطيبّة الذكر تيري ريري رته ، وهو جهد يحمل في طياته أكثر من معنى، احياء تراث طواه الموت أو كاد، وتوثيق جانب من جوانب تراث الشارع الحجازي غاب عن الشارع فاستحضرته الذاكرة، وإضافة فن جميل الى خارطة فنون الأطفال في المملكة، وأخيرا المساهمة في بناء مكتبة موسيقية شعبية سعودية تكون متاحة للمخرجين لتستخدم فواصل وموتيفات ومؤثرات صوتية مختلفة.[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. الله ينور عليك يا أستاذ محمد
    موضوع شيق وذكرياتك جميلة كم نحن بحاجة إلى ذلك الزمن الجميل يعيد لنا الهوية التي نكاد نفقدها في ظل أمواج من المتغيرات الدخيلة علينا وكم نحن بحاجة ماسة إلى العودة إلى تلك الأهازيج التي تختزل الأصالة اللغوية في ذلك الوقت الذي كان خالصا نقيا ..

    1. ومع ذلك فلن تعود! وحسبنا أن نحسن استرجاعها . شكرا لمرورك ولرأيك أستاذة غادة؟

    2. يكفي أن نتمكن من استرجاعها فهي ذكريات قديمة. شكرا لرأيك أستاذة سارة.

  2. ذكريات الطفوله تبقى بالوجدان ننقشها على الحجر ونتذكر أيامها شبابنا

    يبقى الحنين لأيام الطفوله أزلى دائم لا يمل منه

    ونقول ليت الطفولة تعود يوما…

  3. الله ينور عليك يا أستاذ محمد
    موضوع شيق وذكرياتك جميلة كم نحن بحاجة إلى ذلك الزمن الجميل يعيد لنا الهوية التي نكاد نفقدها في ظل أمواج من المتغيرات الدخيلة علينا وكم نحن بحاجة ماسة إلى العودة إلى تلك الأهازيج التي تختزل الأصالة اللغوية في ذلك الوقت الذي كان خالصا نقيا ..

  4. ذكريات الطفوله تبقى بالوجدان ننقشها على الحجر ونتذكر أيامها شبابنا

    يبقى الحنين لأيام الطفوله أزلى دائم لا يمل منه

    ونقول ليت الطفولة تعود يوما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى