المحليةالمقالات

على هامش تداعيات قفزة فيليكس

[RIGHT]على هامش تداعيات ( قفزة فيليكس ) :
جميل عبدالعزيز كتبي[/RIGHT] [JUSTIFY]أول رائد فضاء عربي مسلم اختفى في غياهب الإهمال :

لعل يتفق معي الكثير بأن الحدث العالمي للمغامر النمساوي البطل ( فيليكس باومجارتنر ) هي ليست مجرد قفزة عادية من أجل استعراض علمي أبداً , فلتلك ( القفزة ) الجنونية التي أبهرت العالم , لم تكن إلا من أجل العلم والاكتشافات في شتى الميادين العلمية , وللتعرف على مزيد من الحقائق العلمية والكشف عن الأسرار الكونية , أقول لقد جعلتني هذه ( القفزة ) , وأقصد الحدث العلمي الخطير .. أرجع بالذاكرة للوراء إلى
عام 1985م , وأتذكر ذلك الحدث العالمي الهام الذي احتفلت به بلدي وجميع الدول العربية والإسلامية , ألا وهو صعود أول رائد فضاء عربي مسلم إلى الفضاء .. وهو الأمير السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز .. حيث كان ضمن طاقم رواد الفضاء على متن المكوك الأميركي ( ديسكوفري ) ، وقد دامت رحلته الفضائية سبعة أيام وكان ذلك الحدث في عام 1985, وكان الاحتياطي للرحلة هو الرائد طيار عبد المحسن البسام .

وقد كنت ضمن مئات ملايين المتابعين بشغف وحماس لذلك الحدث العالمي الهام , حيث كان عمري آنذاك قرابة 16 , وأذكر يومها أنني كنت ملتصقاً أمام شاشة التلفاز أصفق لا شعوريا للأمير سلطان بن سلمان , وهو يظهر على شاشة التلفاز يتحدث من الفضاء مع الملك فهد رحمة الله عليه وسمو الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد أطال الله في عمره , وكنت أشعر بالفخر والاعتزاز لقاء ذلك الحدث الهام الذي كنت أعتبره فاتحة خير لبلدي في مجال الصعود للفضاء كأول خطوة نحو ذلك التطور العلمي .

أقول هذا الكلام وأكتبه , بعدما أرجعتني ( قفزة فيليكس ) للوراء لأكثر من 25 عاماً , وجعلتني أتساءل عدة تساؤلات , حول صعود الأمير سلطان بن سلمان للفضاء كأول رائد عربي مسلم , كحدث هام في ذلك الوقت , ومفاد تلك التساؤلات بصفة عامة هي أنه , وللأسف الشديد لم تستفد الدولة من ذلك الحدث الهام , ولم يكون له أي اهتمام في رؤيتها المستقبلية للتطور العلمي , أو يشكل أمامها بارقة أمل أو ومضة برقت نحو حلم ما , أو يكون بمثابة خطوة تحفيزية كبيرة لها تجعلها تفكر جدياً في الاستفادة من تجربة رائد الفضاء الأمير سلطان بن سلمان في التخطيط لإنشاء أكبر مركز أبحاث لعلوم الفضاء , أو للعلوم الكونية على مستوى منطقة الشرق الأوسط , وتسند رئاسته لسمو الأمير سلطان بن سلمان , وتستقطب له كبار العلماء السعوديين والعرب والمسلمين من أكاديميين ومخترعين ومكتشفين ليعملوا فيه , وأيضا فيما بعد تستقطب للعمل بهذا المركز جميع الرواد الفضائيين من العرب والمسلمين والأجانب ممن لهم تجربة وخبرة في هذا المجال , وغيرهم من العلماء في المجالات الأخرى للاستفادة منهم ومن أبحاثهم واكتشافاتهم واختراعاتهم وخبراتهم في المجالات العلمية سواء الخاصة بمجال الفضاء , أو غيرها من العلوم الأخرى .

أقول للأسف الشديد لم تستثمر الدولة ذلك الحدث في شخص رائد الفضاء سمو الأمير سلطان بن سلمان ورفيقه الرائد طيار السعودي عبد المحسن البسام الذي كان الرائد الاحتياطي في تلك الرحلة .. لم تستثمرهما وتكلفهما بإنشاء ذلك المركز والصرف عليه بالمليارات .. من أجل المستقبل .. والتقدم العلمي .

وتصورا معي لو أن ذلك المشروع قد تم تنفيذه منذ 1985 م .. أي منذ ما يقارب أكثر من ربع قرن 25 عاماً .. وتم الاستفادة منه بصورة صحيحة وجادة وطموحة .. تصوروا معي كيف سوف يكون الآن اسم ( السعودية ) ودورها في علوم الفضاء والأبحاث العلمية بين الدول التي لها اهتمامات بالعلم والتطور .. وذلك حينما يذكر اسم السعودية في مجال التقدم العلمي , بالتأكيد سوف يكون موضع احترام وتقدير , وربما مثال يضرب أو يُحتذى به .. ولربما كانت نتائجه ( المركز لو تم إنشائه في ذلك التاريخ ) .. العديد من الاكتشافات والإنجازات العلمية التي تساهم في التقدم العلمي وتطوير الدولة , وفي وضعها في مصاف الدول المتقدمة , ليس على مستوى منطقة الشرق الأوسط , بل على مستوى العالم .

ولكن الذي حدث , هو أن ذلك الرائد الفضائي الأمير الحاصل على درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية والسياسية من جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة الأمريكية , والذي يمتلك خبرة أصيلة في الطيران المدني والعسكري , كأفضل طيار مقاتل ضمن طياري العالم , ظل مهمل لسنوات طوال , يعمل لمدة تجاوزت عشرة سنوات في القوات الجوية الملكية السعودية بدءا من كلية الملك فيصل الجوية في الرياض منذ عام 1985م , ثم قاعدة الملك عبد العزيز الجوية في الظهران عام 1990م .. حتى تقاعد برتبة عقيد طيار عام1996م .

أقول ظل هذا الرائد الفضائي فترة طويلة مهمل من قبل الدولة , ولم تستثمره , وأخيراً عندما تنبهت له , بعد نسيان وإهمال , استدركت وقامت بتعينه في تخصص بعيد عن تخصصه حيث تم تعينه في منصب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة العربية السعودية .

والشيء المؤلم هو أنه رغم قدرة الفرد السعودي بالتفوق في خوض هذا المجال ( مجال الفضاء ) وقدرته على التميز فيه عن كثير من غيره , إلا أن الدولة لم تحرك ساكناً حتى الآن .. ولا أقول ذلك من فراغ .. ولكن بناء على واقع كشفت عنه احتفالات وكالة الفضاء الأميركية ( ناسا ) بمناسبة مرور خمسون عاما على غزوهم للفضاء , حيث تم اختيار رائد الفضاء السعودي محمد بن غازي بن أحمد العتيبي ليكون على ظهر طائرة نفاثة خاصة في الولايات المتحدة , ليخوض تجربة رواد الفضاء في أجواء تنعدم بها الجاذبية وذلك أثناء احتفال وكالة ناسا الفضائية بمناسبة مرور خمسين عاما على غزوهم للفضاء , حيث تم اختيار الطالب السعودي محمد بن غازي بن أحمد بن يعقوب العتيبي بعد تأهله في المسابقة والتصفية النهائية , حتى أصبح المشارك الوحيد من بين (9) أفراد من طاقم الرحلة , حيث تم اختيارهم من ضمن (50) شابا يمثلون 24 بلدا عالميا , وهو العربي الوحيد والمسلم الذي فاز بالتأهل مع التسعة المؤهلين من العالم للقيام بتلك الرحلة الفضائية .

ولكن .. وآه من لكن تلك التي نستدرك بها معظم الأشياء والأمور متأخراً .. وكل فشلنا هو نتيجة إهمالنا , واستهتارنا , وعدم تقديرنا للمستقبل التقدير الصحيح من حيث التخطيط له بصورة صحيحة وطموحة , أو من حيث الرؤى العميقة والنظرة الثاقبة التي نستشرف بها الآفاق ومن خلالها نتطلع لمكاننا بين دول العالم , والمكانة التي تليق بنا وبقدراتنا البشرية والمادية .

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل مازال هناك تخطيط للمستقبل والتقدم العلمي ؟ .. هذا ما سوف تكتشف عنه نتائج مراكز أبحاثنا الجبارة والخاصة بالعلوم الكونية , التي تصرف عليها الدولة بالمليارات وبسخاء منقطع النظير ؟ ! .. من حقنا أن نحلم .

• وقفة مع المفكر والشاعر الأميركي لانغستون هيوز : ( تمسكوا بقوة بالأحلام ، لأن الأحلام إذا ماتت , تصبح الحياة كعصفور مكسور الجناحين لا يطير , حيث اكتشفت أن في الحياة طرقا توصلك إلى أي مكان تريد , إن كنت فعلاً تريد أن تذهب ) .

مساؤكم حلم فيليكساوي [/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى