أسامة زيتونيالمحلية

نجاح الحج

نجاح الحج ، عبارة إئتلفناها في كل عام وأعتدنا على سماعها بعد كل موسم حج ، وأصبحنا ننتظر اصدارها في بيان رسمي من كل جهة ، فعندما تعلن وزارة الصحة عن خلو الحج من أي امراض أو حالات وبائية أو محجرية وأن كل المؤشرات إيجابيه وأن الوزارة تطبق جميع الإجراءات الوقائية المتقدمة ، وعندما تعلن إدارة الدفاع المدني عن عدم وقوع أي حوادث أو أي اصابات ، وعندما تعلن إدارة المرور عن نجاح خطة السير وعدم حدوث أي إكتظاظات ، وعندما تعلن وزارة التجارة عن إستقرار أسعار المواد الغذائية وتوفيرها وعدم ضبط أي مخالفات وثبات اسعار الاغنام والسيطرة على عدم ارتفاعها وعندما تعلن البلديات عن عدم وجود أي مخالفات سواءً في صلاحيات المواد الغذائية أو الباعة الجائلين أو مستوى النظافة وأن جميع الأعمال تسير وفق الخطط والبرامج المعدة ، عندما تعلن كل تلك الجهات وغيرها من الجهات المسئولة والعاملة في موسم الحج عن هذا النجاح الباهر ، فإن ذلك أمر جيد ويبعث الإطمئنان ، ولكن ذلك قد يضع أمامنا علامات إستفهام ، ويطرح تساؤلات عديدة ، فتجمع بشرى هائل مثل موسم الحج والذي قل أن تجد له نظير في العالم ، وتجمع عدة ملايين من البشر في مكان واحد ووقت واحد لا يمكن بحال من الأحوال أن يخلو من السلبيات ، فهي طبيعة البشر وسنة الحياة ، ونحن هنا لا نشكك فيما يبذل من جهود كبيرة ولا نقلل من أهميتها ، لكن لماذا تفتقد بعض الجهات الى الشفافية والصراحة والوضوح في إعلان النتائج ، ولماذا لا نمتلك الجرأة في الاعتراف بالإخفاق عند حدوثه في بعض الجوانب ، فان ذالك كفيل بتدارك كل السلبيات وتلافيها في المرات القادمة ، فالإعتراف خطوة صحيحة نحو التصحيح ، والاخفاق ليس عيب ، فكل الأنظمه البشرية معرضه للخطأ والإخفاق ، كما أن الإعتراف بالخطأ أو الإخفاق لا ينقص من قيمة الجهود المبذولة ، بل أنه يشير بجلاء إلى أن هناك جهود كبيرة وعمل دؤوب ، فمن لا يخطئ لا يعمل ، كما أن استراتيجية تجنب الإخفاق لن تمنع حدوثه حتى في أكثر دول العالم تقدماً وعلماً وحضارة .

وقد يعجب البعض حينما يخرج أحد المسؤولين ويصرّح بكل جرأة أنه فاشل ! بل إن هناك من يعتبر ذلك روحاً انهزامية أو فقداناً للأهلية الحسية ، بينما هذا المبدأ هو قمة الشجاعة والإحساس العالي بالمسؤولية التي تتطلب أن يتخلى الشخص عن كل ما هو دون المصلحة العامة وأن يتجرد من أي أهواء في لحظة يدرك بها انه يسير بإتجاه الإضرار بالواجب والإخلال بالمسؤلية ومن خلفه مصالح الناس وسمعة البلد .

ثقافة راقية وإيمان كبير وتجرّد من الأهواء تحتاجها تلك الجدلية لفهم عمق تلك العلاقة بين حقيقة الإعتراف بالفشل وبين الإصرار عليه وايجاد المبررات غير المنطقية للإستمرار في واجهة البهرجة والقيادة الفارغة وفي ظل التصفيق والتطبيل من بعض وسائل الاعلام المغرضة والمحيطين ، وهو ما يفتقد لأبسط مقومات الإدارة وأبجدياتها التي لم تعد تنطلي على أحد !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى