بقلم : محمد بن ربيع الغامدي [/RIGHT]
[JUSTIFY] أخجل كثيرا من تتبع الهفوات البسيطة ، واستحي أن أشير إلى نقص هيّن وقد توفر لي الشيء الكثير، ومع ذلك فإن الكتابة عن هفوة أو عن نقص هو أمر مفيد للمواطن وللمسؤول على حد سواء ، ومن العدل أن نتحدث عن النقص رغم اقترابنا من التمام ليعرف المسؤول مكامن الخطأ التي تحيط بجهده.
منذ قرون قال المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيباً …… كنقص القادرين على التمام، ولذلك كان لزاما على من شرع في مكرمة أن يتمها، وقبل ذلك فإن المسلم مطالب إذا عمل عملا أن يتقنه ومن هنا فإن التنبيه على نقص القادرين هو بمثابة توسيع دائرة الضوء حول الجهد المبذول ليدرك القائم عليه حجم التشويه الذي اعترى جهده بسبب هنات بسيطة كان في غنى عنها.
الغالب على طباع الناس نكران الجميل ، أو عدم التوقف عنده طويلا ، ومن طبائعهم أيضا رؤية الكأس مع التركيز على نصفه الفارغ ، حتى الذين هذبوا أنفسهم بأنفسهم يأتي عليهم زمن لا تبصر أعينهم إلا الهنات والهفوات والسقطات مهما صغرت ، وهذا شأن الناس على أي حال ولن يجدي معه التغيير إلا إن كان في مساحات ضيقة جدا .
يعبر الواحد منا شارعا مزفتا مرصوفا مضاء يسر العابرين فيجد فيه حفرة لم تردم فينبري شاكيا متبرما متضجرا ناسيا ما هو عليه الشارع من اتساع وترتيب ونظام ، ويدخل المشفى الممرد الذي يعج بالعاملين من أطباء وطبيبات وممرضين وممرضات وكتبة وكاتبات كأنهم اللؤلؤ والمرجان ثم يقف في طريقه موظف عابس الوجه حجر عثرة فتتهاوى عظمة ذلك الصرح الممرد بمن فيه أمام جهالة ذلك الموظف .
ما أكثر تلك الأشياء الصغيرة وما أشد خطرها ، هي مثل السيئات التي تفتك بالحسنات ، ومن الخير ألا تكون ، ومن العدل أن تنصب كل إمارة بريدا أو هاتفا يقف خلفه رجل يتلقى بلاغات الناس ثم يصنفها بحسب جهات الاختصاص فيرفع بها لهم ، وينبغي أن يتلقى المواطن ردا باستلام ملاحظته وردا آخر بما تم اتخاذه حيالها .
نريده وطنا أخضر ، لا حفرة فيه ولا وجوه كليلة عابسة ، مشاريعه الجميلة لا يخدش جمالها خادش ، وتمامه لا يعتريه نقص ، نريده وطنا يكون فيه المواطن الصالح أقرب اليه من موظف خامل كأنه الضربان ، فرو جميل ورائحة نتنة .[/JUSTIFY]