أعجبتني قصتان كنت قد قرأتهما في كتاب ‘الهزيمة النفسية عند المسلمين’ للدكتور عبد الله الخاطر ـــ رحمه الله ـــ وهما توضحان قوة الاعتزاز بالدين وإرجاع الأمر إلى الله في كل حال دون أن يتنازل المسلم عن شيء من دينه في سبيل إرضاء أي شخص بغضب الله سبحانه وتعالى وذلك بارتكاب ما ينهى الله سبحانه وتعالى عنه، القصة الأولى يقول فيها الدكتور الخاطر ـــ رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ـــ إنه التقى شابا إنجليزيا في جنوب لندن في منطقة اسمها (جلفورد) دخل الإسلام وبعد إسلامه بثلاثة أسابيع وجد وظيفة في بلدة أخرى وذهب لتلك البلدة فحاول شباب الجمعية الإسلامية هناك أن يلحقوا به ويطلبوا منه عدم ذكر أنه أسلم للمسئولين عن التوظيف حتى لا يكون ذلك سببا في عدم قبوله للوظيفة فيتأثر نفسيا ويرتد عن دينه فما استطاعوا اللحاق به، حتى ذهب للمقابلة الشخصية لتلك الوظيفة فوجد أناسا كثيرين غير مسلمين يسابقون على الوظيفة ، فلما دخل للمقابلة الشخصية ذكر لهم أنه قد أسلم وكان اسمه (رود) وأصبح اسمه عمر ، ويقول أنا غيرت ديني وغيرت اسمي وأريد أن يكون لي وقت للصلاة إذا أنتم قبلتموني في هذه الوظيفة فما كان منهم إلا أن قبلوه في تلك الوظيفة ، وكأن الأمر أعجب عندما قالوا له : إننا نريد في الوظيفة رجلا عنده القدرة على اتخاذ القرارات وأنت عندك قدرة عظيمة جدا في اتخاذ القرارات فقد غيرت دينك وغيرت اسمك’ ، فما أروع هذا الرجل المعتز بدينه الذي خاف عليه إخوانه بالجمعية الإسلامية ولكن قوة شخصيته وحرصه على اتخاذ القرار ولم يحاول أن يكتم إسلامه أو يتظاهر بذلك من أجل الوظيفة وهو الذي لم يمض على إسلامه سوى ثلاثة أسابيع بل إنه كان معتزا بدينه وهذا الاعتزاز هو الذي قاده لتلك الوظيفة وانطباقها عليه وخصوصا قوة اتخاذ القرار وهذا ما نحتاج إليه نحن في كل تعاملاتنا الحياتية التي تجد بعض الناس لا يهتم بها ، أضف إلى ذلك وهو الأهم اعتزازه بدينه فما أحوجنا لذلك.
أما القصة الثانية أيضا يذكرها الشيخ الخاطر لشاب جزائري التقى به في لندن وهي قصة جميلة جدا ، كما يقول وتبدأ عندما أراد الأخ الجزائري أن يتقدم لوظيفة في أحد الفنادق هناك حيث قال له بعد انتهاء المقابلة إذن لنحتفل ونحن سننظر في أمرك ، ولعلنا نذهب لنشرب الخمر في البار فتردد هذا الشاب كثيرا وقال : هل أرضي هذا الإنسان حتى لا يقطع رزقي فأنا لا أشرب الخمر فيقول : قررت أن أقول له : لا ، وإذا لم يقبلني في الوظيفة فلا يقبلني ،فقال له الشاب الجزائري : أنا لا أشرب الخمر وأنا مسلم فقال : صحيح فقلت: نعم قال : أنت مقبول من الآن ، قلت كيف هذا الأمر ؟! قال : مشكلتنا مع الموظفين في هذا الفندق أنهم يسهرون في الليل إلى وقت متأخر يشربون الخمر ولا يأتون إلا متأخرين في النهار ، فأنت أول من نقبلهم. وهذه القصة تدل على أن الإنسان عندما يعرف ويعلم أن الرزق بيد الله فإن الله يفتح له أبواب الرزق فما أحوجنا للتعلق بالله سبحانه وتعالى في أمورنا كلها ونعتز بانتمائنا لهذا الدين العظيم الذي استفاد غير المسلمين من محاسنه الكثير في تحقيق غاياتهم الدنيوية.