المحليةالمقالات

المقابلات الشخصية

[RIGHT][COLOR=#FF003E]المقابلات الشخصية[/COLOR] بقلم : محمد بن ربيع الغامدي[/RIGHT] [JUSTIFY] عندما وصلت وزملائي الى الصف الرابع بالجامعة جاءنا مندوب ديوان الموظفين في عقر دارنا ، وقبل أن نتخرج قمنا بتعبئة استمارات التوظيف وتحديد المواقع التي نرغب أن تكون وظائفنا فيها ، ولقد سألت المندوب يومها : كيف نعبئ هذه الاستمارات ولما نتخرج بعد ؟ فقال : لا مشكله ، من يتخرج يتوظف ومن لا يتخرج تنتظره الوظيفة حتى يتخرج .

تخرجنا يومها في الشهر السادس وتوظفنا في الشهر الثامن ، ولولا دخول وقت الاجازات آنذاك لتوظفنا خلال أربع وعشرين ساعة ولكن الإجازة الصيفية قد اقتضت تأخير التعيين شهرين وهو تأخير سرنا كثيرا فالإجازة ضرورية جدا ونحن نودع عمرا دراسيا ونستقبل عمرا وظيفيا ، وبالفعل كان ذلك كذلك فقد توظفنا وكنا قبل الوظيفة بشهرين فقط طلابا على مقاعد الدراسة .

في تلك السنين كان المتخرجون في الجامعات عملة نادرة ، فإذا ما جرى تعيين الجامعي في مناطق أقل تحضرا فإنه يصبح أكثر شهرة من لاعب كرة أو من فنان مغنّ ، وكنت كذلك عندما تعينت في الباحة وعدد الجامعيين بين موظفيها قليل جدا فأرى الأصابع تشير إلى شخصي الضعيف بل وسمعت أحدهم يؤدب ابنه بي وهو يهمس : شف الفاغر ذا معك آهو جامعي!

مرت الأيام وبارك الله السعوديين فتناسلوا وتكاثروا وملأوا الآكام وبطون الأودية فتزاحم شبابهم على الوظائف وزاحمهم أبناء العمومة عليها حتى أصبح أمر الوظيفة من المستحيل قاب قوسين أو أدنى وتعقدت وسائل التقديم على الوظيفة ، تبدأ خطواتها الأولى مع الحاسوب ثم تدور المفاضلات ثم تعقد المقابلات الشخصية فيتآكل عمر الشاب قبل أن يصافح المربوط الأول للوظيفة .

قال بعض المتشائمين : ما المقابلات الشخصية إلا بوابة لتمرير الواسطة ، ذلك أنه يصعب التحايل على بيانات طالب الوظيفة المعززة بمستندات رسمية، ويصعب التحايل على الاختبارات التحريرية باعتبارها حالة موثقة على كاغز، أما ما يحدث في المقابلات الشخصية فهو كلام يذهب مع الريح ويمكن زحزحة فلان بحجة تعثره في المقابلة وقبول علان بحجة نبوغه في المقابلة .

أما أنا فأقول لا ، ثقتي في المسئولين كبيرة فكلنا أهل صيام وصلاة ، ومن صلى وصام استحق الثقة ، لكني أنبه لمشقة تنجم عن تلك المقابلات ، فهي تتم في موقع العمل عادة وقد يضطر طالب الوظيفة الى السفر والسكن في مدن لا يعرف عنها شيء ، وكنت أتمنى لو تقوم الجهات المعنية بإلزام الجهات التي تجري تلك المقابلات أن تستقبل طالبي الوظيف وأن تؤمن لهم السكن والإعاشة فهي تستقبل أقل أو أكثر من ثلاثين طالبا ثم تختار من بينهم طالبا أو طالبين فقط .

إن الإحباط الذي تخلفه تلك المقابلات يتضاعف مع ارتفاع تكاليف السفر على شاب ليس له مصدر دخل أصلا ، وإضافة لتلك التكاليف فهناك عناء البحث عن شقة قريبة من موقع المقابلة ، ثم متاعب المواصلات ، ثم يختتم تلك المتاعب بوجوه قد نحتت من صخر تتصدر غرفة باردة هي غرفة المقابلة الشخصية ، وهي آخر مرحلة في سلسلة التوظيف التي تضيف للوطن مواطنا واحدا وتسلب منه ثلاثين والله الهادي .[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى