في هذه المباراة كان لكرة القدم معنى آخر ، ومشاهدة مختلفة عن سائر المباريات الأخرى ، فالحدث كان كبيراً ، والمناسبة كانت ذات قيمة عالية ، امتلأت المدرجات عن بكرة أبيها، لم يبقَ أي مكان شاغر ، بدأت أحداث المباراة وكلٌّ يترقب النتيجة ستؤول لمن .. ؟ وهل ستكون عادلة ؟ أنا شخصياً مع من يقول أن الفريقين استحقا الفوز، والدليل أن المباراة لم تحسم إلا من خلال ركلات الترجيح التي يحكمها طابع الحظ، بعد توفيق الله.
مباراة انتظرها الجميع وهم موقنون أنهم على موعد مع الإثارة والحماس، وستكون على مستوى الحدث، حدث فيها كل شيء، قدم الفريقان متعة كروية، تفوق فيها مدربا الفريقين، وحضرت فيها الروح الرياضية بين الطرفين، لم نشاهد أي تجاوزات تعكر من صفو المباراة، وقف الحظ فيها للفريق الهلالي الذي ساعدته خبرته وتمرسه على النهائيات في كسب اللقاء بركلات الترجيح، التي لم يتعامل معها المدرب النصراوي بشكل جدّي في بعض الاختيارات، ولم يوفق فيها العنزي كما وفق فيها السديري حارس الهلال.
ما حدث للنصر في هذه المباراة خسارة بطعم الانتصار، فقد شاهدنا الروح العالية وحماس الشباب ورغبة الانتصار، استطاع كارينيو مدرب النصر من خلال هذه التوليفة أن يقدم فريقاً له هوية داخل الملعب، يلعب بأسلوب سهل وممتع يعتمد على الدفاع والهجوم بشكل متوازن، لم يسبق أن حضر النصر بمثل هذا النهج التنظيمي طوال السنوات العشر الماضية وكلها أمور فنية تحسب للمدرب، هذا لا يعني أن نبخس الفريق الهلالي حقه، فقد قدم مباراة رائعة جداً واصطدم بفريق مختلف عن سابقيه، هذا لأنهم أدركوا قبل بداية المباراة أنهم اليوم أمام فريق متطور وجهاً لوجه ومختلف عن كل من سبقه، وقد بدأ يعود للواجهة في أقل من ستة أشهر، من خلال نهائيين أحدهما على نهائي كأس الملك، والآخر على نهائي كأس ولي العهد، فإما تأكيد التخصص وحصرية الكأس لهم أو استسلامهم للترشيحات التي كانت تصب في مصلحة النصر قبل اللقاء؛ فعملوا على احترام المنافس واحتاطوا لكل شيء، فالخسارة من المنافس التقليدي وعلى نهائي مهم له تأثير كبير، فأعدوا العدة لهذا النهائي ودخلوا المباراة بكل تركيز، وقادهم الشلهوب الموهوب كالعادة لتقديم مباراة قمة في الروعة استحقوا من خلالها كأس البطولة.
على النصراويين أن يفهموا الدرس جيداً ولا يدخل اليأس قلوبهم، وأن يستمروا في العمل، فالدموع التي ظهرت على شاشة التلفاز من جماهيرهم تستحق أن يبذل لأجلها الغالي والنفيس، لم يكن ينقص النصر سوى التوفيق من الله، لن تغضب الجماهير من خسارة بطولة عندما تجد فريقها يقدم مستوى فنيً راقياً، وروحاً داخل الملعب؛ لأنها على يقين بأن التوفيق بيد الله، وما داموا بذلوا الأسباب بالشكل المطلوب ولم يحالفهم التوفيق فهذه مشيئة الله لا يملكون أمامها سوى الدعاء حتى يحالفهم التوفيق في مناسبات قادمة.
إن استمر النصر بهذا الأسلوب وعملوا على التطوير والتحسين في الأداء فلن يخرجوا هذا الموسم بدون نتائج إيجابية على كافة المشاركات المتبقية، فالعمل المقدم هذا الموسم مختلف والنتائج أيضاً مختلفة، ومن الظلم تجاهل كل هذه الإيجابيات.
أمام النصر مشاركات قادمة ومباريات مهمة متى ما طووا صفحة هذه البطولة بخيرها وشرها وجعلوها من الماضي واستفادوا من التجربة، سيكون لهم حضور مختلف، وسيكون لهم موعد مع الفرح، فاليوم ألم ودموع، وغداً أفراح وابتهاج، فدوام الحال من المحال، شريطة العمل بإخلاص وبذل الجهد، عندها سيكون الوضع مختلفاً.
النصر والهلال قدما نهائياً رائعاً استمتع فيه المشاهد طوال 120 دقيقة، من أهم أحداثها التي ميزت اللقاء الهلال يسجل في آخر دقائق الشوط الإضافي الثاني، والنصر يعادل النتيجة بعد دقيقة.. أي إثارة ومتعه قدمها الفريقان..! حتى ركلات الترجيح كانت ممتعة، فلحظات الترقب من جمهور الفريقين جعلت لها تميزاً مختلفاً، لم يكن لأحد أن يتنبأ بدرجة الإثارة التي شاهدتها في نهائي الحلم بين قطبين كبيرين في الرياضة السعودية.
بمثل هذه المباريات سيرتفع مستوى اللاعب السعودي، وستعود كرة القدم السعودية إلى سابق عهدها، بشرط أن تنحصر المنافسة والإثارة داخل المستطيل الأخضر.
ودمتم بخير،،[/JUSTIFY]