المحليةعبدالله سعيد الزهراني

البرماويون..شكرآ خادم الحرمين

ارتسمت بسمة الرضا والطمائنينة والشكر على محيا اخي وسائقي الخاص الأخ /عبدالله مهادو من الجالية البرماوية بعد صدور نظام تصحيح اوضاعهم الذي اطلقه امير مكة /الامير خالد الفيصل الاسبوع المنصرم, وقال لي والفرح لايكاد يسعه ,ان هذا اليوم التاريخي لن ينساه البرماويون,ومن خلال لقائي بعدد كبير منهم حيث يعمل كثير من شبابهم في تعليم القران في حلقات تحفيظ القران , ويكنون لهذه البلاد وقادتها ومواطنيها كل التقدير,تبين ان هذا شعورجميع الأخوة الاعزاء البرماويون(الأركانيون) في مكة المكرمة وجده وجميع مدن المملكة, ولا شك ان هذه الخطوة ستساهم بعون الله تعالى في حل مشاكل الحياة لنحو ربع مليون برماوي, ويمهد لهم الطريق لحياة آمنة مطمئنة في بلاد الحرمين التي احتضنتهم وشملتهم بالرعاية منذ اكثر من نصف قرن, ولا تكاد تلتقي بأي (برماوي) في مكة الا وهو يعبر عن شكره العميق ودعاءه لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبد العزيز ايده الله الذي وافق على هذه الانظمة ومن ثم لمهندس هذه المشروعات التصحيحية ليس للاحياء العشوائية فقط وإنما للإنسان الذي يعيش عليها, وهو الأمير الانسان / خالد الفيصل, والذي تبنى تصحيح اوضاع نحو 60 حي عشوائي في مكة المكرمة , تراكمت مشكلاتها وتزايد قاطنيها فتزايدت معها مشكلاتهم, ورغم ان موضوع معالجة العشوائيات كمن يضع رجله على الالغام لخطورته وصعوبته وطول فترته, حتى ان منظمات الامم المتحده تتحاشى التعامل معه في بعض دول العالم,الا ان الامير الانسان اتخذ من هذا التحدي وقودا لحل هذه المعضله التي لاشك انها كانت ستمثل قنابل موقوته لو تم اهمالها, ولا غرابة ان يخوض الفيصل هذا التحدي فهو نسل سلالة ملوك تعشق التحدي في الحق وتكافح لاحقاقه, واقراءو تاريخ جده مؤسس هذه البلاد الذي وحد وأسس هذه المملكة التي تمثل معظم جزيرة العرب في ظل ظروف قاهرة وتحديات كبيرة خاضها الملك عبد العزيز ورجاله الشرفاء, كما ان والده الملك فيصل بطلا سبق عصره وعشق التحدي لاحقاق الحق وهو البطل الحقيقي لمعركة 1973 م بين مصر والعرب من جهة ودولة الاحتلال المسماه اسرائيل من جهة ونحن كسكان لهذه البلاد الغالية ولمكة المحروسة نشعر بالفخر والاعتزاز لقيام قائدنا ومليكنا خادم الحرمين الشريفين ايده الله بالاهتمام باخواننا المسلمين داخل المملكة وخارجها .

كما نشكر اميرنا البطل / خالد الفيصل الذي يسجل هذا العمل في تاريخ انجازاته لهذا الوطن من جنوب المملكة في عسير الى غربها في منطقة مكة, بل والى عموم الوطن العربي الذي هو رئيس لفكره العربي.

وهذه نبذة مختصرة عن قصة معاناة شعب (الروهينجا) المعروفون هنا باسم (البرماويون) وتاريخ بلادهم .
تقع بورما أو ما يعرف اليوم بدولة ميانمار في الجنوب الشرقي لقارة أسيا ويحدها من الشمال الصين والهند ومن الجنوب خليج البنغال وتايلندا ومن الشرق الصين ولاوس ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلادش، ويقع إقليم أركان المسلم في الجنوب الغربي لبورما وتشير الإحصائيات الرسمية في مينامار (بورما) إلى أن نسبة المسلمين في هذا ألبلد البالغ تعداده نحو 55 مليون نسمة تقل عن 5% وبالتالي يتراوح عددهم بين 5 و8 ملايين نسمة ويتركز المسلمون في ولاية أراكان المتاخمة لدولة بنجلاديش وينتمون إلى شعب( روهينجا).

و تذكر المصادر التاريخية أن الإسلام قد وصل إلى (أراكان) منذ عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد وذلك عن طريق التجار العرب والذين وصلوا إلى هناك واستقروا بعض الوقت واستطاعوا بأخلاقهم الإسلامية وسلوكهم الحضاري والإنساني الراقي أن يؤثروا في السكان المحليين ويدخلوهم في الإسلام، وشيئا فشيئا تكونت هناك دولة إسلامية كبيرة استطاعت أن تستمر لأكثر من ثلاث قرون ونصف (1198/1784م)، ولقد عرفت هذه الدولة ازدهارا ثقافيا وحضاريا لم تعهده المنطقة من قبل، من ذلك انه كان لها عملة خاصة مضروبة بالفضة وكتب عليها ” لا إله إلا الله “، ولقد تداول على حكم هذه الدولة نحو 48 ملكا مسلما إلى أن أسقطها البوذيين في سنة 1784م، حيث احتلها الملك البوذي «بوداياي» وقام بضم الإقليم إلى بورما خوفاً من زيادة انتشار الإسلام في المنطقة، ولقد أمعن في اضطهاد المسلمين وأجبر عدد كبير منهم على مغادرة الإقليم وصادر ممتلكاتهم وأراضيهم، وفي سنة م 1824م احتلت بريطانيا الإقليم وعملت على إضعاف مكانة المسلمين فيه، وفي المقابل عملت على دعم وتقوية مكانة البوذيين في كل المجالات، كما أن بريطانيا قامت بضم بورما إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، ولقد استمر هذا الوضع لحوالي 100 سنة، وفي سنة 1937م جعلت بريطانيا من بورما وإقليم أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية وعرفت آنذاك باسم حكومة بورما البريطانية.
في بداية الحرب العالمية الثانية غزا الجيش الياباني بورما واحتلها لمدة 3 سنوات ( 1942م/1945م )، ولقد عمل الانجليز على استمالة المسلمين للوقوف في صفهم في محاربة اليابانيين مقابل وعدهم بالاستقلال بعد الانتصار على الجيش الياباني، ولقد لعب المسلمون دورا رئيسيا في إلحاق الهزيمة باليابان نظرا لمعرفتهم بتضاريس البلاد وإتقانهم حرب الأدغال حيث عجز الجيش الانجليزي عن حسم هذه المعركة لولا مهارة المسلمين واستبسالهم في قتال الجيش الياباني.
وفي سنة 1942م ولما انسحب الجيش البريطاني من بورما الى الهند ارتكب اليابانيون والبوذييون البورميون المتحالفون مع الجيش الياباني أعمال وحشية ضد المسلمين المتحالفين مع الجيش الإنجليزي، حيث قتلوا واحرقوا 307 من قرى المسلمين وشردوا أكثر من نصف مليون مسلم جراء هذه المجزرة، انها “هولوكست” اراكان كما يصفها العديد من المؤرخين نظرا لفظاعتها ووحشيتها وكثرة عدد ضحاياها ولازال المسلمين في اراكان يتذكرون هذه المجزرة والإبادة الجماعية والتي ارتكبت في حقهم في سنة 1942.

وفي واقع الأمر نجد أن تلك المجازر الرهيبة قد طالت كل أسرة مسلمة من الروهنجيا حيث قتل احد من أعضائها أو أكثر، ومن ضمن مائة ألف مسلم شهيد عشرون ألفا من العلماء والقادة إضافة إلى ذلك خمس مائة ألف من المشردين بلا ملجأ ولا مأوى وحوالي خمسون ألفا من اللاجئين في مخيمات “رنجبور” في البنغال، وبقتل علماء وقادة المسلمين أحدثت الفجوة والأزمة في القيادة لدى صفوف ألمسلمين ومن جراء ذلك لم يفلح المسلمون الروهنجيا في الحفاظ على حقوقهم المشروعة والاعتراف بصفتهم وهويتهم في المجلس التشريعي لبورما إبان الاستقلال، وهذا هو الهدف الرئيس لأعداء المسلمين الذين أحرزوا تقدما كبيرا في هذا السياق بان جعلوا المسلمون لا يستطيعون الحصول على حقوقهم المشروعة ولا حتى أدنى ضمانات في دستور بورما وبالتالي فتح الباب على مصراعيه لاستمرار الأعمال التعسفية وحملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضدهم، بل إن استمرار سياسة التمييز العنصري ضدهم يعتبر من الأمور المشروعة.
وفي عام 1947م وقُبيل استقلال بورما، عقد مؤتمر في مدينة (بنغ لونغ) البورمية للتحضير للاستقلال ودعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين (الروهنجيا) لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير المصير، وفي يوم 4 يناير من سنة 1948 منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تمنح كل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إن رغبوا في ذلك ,و لكن ما إن حصل البورميون على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم وعملوا على إحكام قبضتهم على أراكان وقاموا بممارسات بشعة ضد المسلمين متجاهلين حقوق سكان أراكان التاريخية والدينية والثقافية والجغرافية واللغوية والعرقية حيث لا تزال حتى يومنا هذا بعض آثار مساجدها ومدارسها وأربطتها تحكي مآثر مجدها التليد أمّا حملات التهجير الجماعي والتشريد إلى المصير المجهول فيصل عددها إلى 6 حملات منظّمة وكبرى وشرد من خلالها قرابة مليون ونصف مسلم خارج وطنهم، وهكذا لا يكاد الأراكانيون يلتقطون أنفاسهم من محنة إلا وتغشاهم أخري، واستمر الاضطهاد والظلم وإلغاء الحقوق والمواطنة تدريجياً إلى يومنا هذا.
وقد سنت الحكومة البورمية عام 1948م قانونين كانا يكفلان الجنسية للمسلمين هناك، وبعد سنوات أشاعت الحكومة أن في القانونين مآخذ وثغرات وقدمت في 4 يوليو 1981م مسودة القانون الجديد الذي ضيق على المسلمين وصدر عام 1982م وهو يقسّم المواطنين كما يلي:

مواطنون من الدرجة الأولى وهم (الكارينون والشائيون والباهييون والصينيون والكامينيون).
مواطنون من الدرجة الثانية: وهم خليط من أجناس الدرجة الأولى.
مواطنون من الدرجة الثالثة: وهم المسلمون حيث صنفوا على أنهم أجانب دخلوا بورما لاجئين أثناء الاستعمار البريطاني حسب مزاعم الحكومة فسحبت جنسيات المسلمين وصاروا بلا هوية وحرموا من كل الأعمال وصار بإمكان الحكومة ترحيلهم متى شاءت, كما تم حرمان ابنائم من التعليم والسفر .
ولم تقف المملكة العربية السعودية مكتوفة الايدي حيال مايجري لاخوننا المسلمين في بورما بل سخرت السياسة في المحافل الدولية للتعريف بقضية شعب (الروهنجا) والمطالبة بحقوقهم, ومن الجانب الانساني الذي يمليه علينا ديننا الحنيف استقبلت المملكة الفارين بدينهم من (البرماويون) وكان عدد اول مجموعة اثنا عشر شخص مكثوا اكثر من عامين حتى وصلو للمملكة قبل اكثر من 65 عاماً حيث بادر المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – مدفوعاً بالإرادة الإيمانية والنخوة الإنسانية باحتضان طلائع الفارين بدينهم من أبناء الشعب البورمي الشقيق الناجين من بطش السلطات الحاكمة في بلادهم وعلى مدى 3 عقود لاحقة, حيث استمر قدوم أفواج المهاجرين البرماويين وبأعداد متصاعدة تباعاً لزيادة معاناتهم واشتداد تنكيل وبطش سلطات بلادهم, لا سيما بعد صدور ما يعرف بقانون المواطنة المينمارية عام 1982م الذي ينكر حق المواطنة للمسلمين الروهنجيا ويعتبرهم أقلية أجنبيةلاتنتمي للشعب البورم .

ويقدر عددهم في المملكة بنحو 250 الف شخص يعيش معظمهم في مكة المكرمة وجده واعداد قليلة في المدينة.

وهذه دعوة صادقة لكل مسلم بصفة عامة ولكل مواطن سعودي بصفة خاصة لمراعاة اخواننا (الأركانيون) والتعامل الحسن معهم فهم مهاجرون من بلد الكفر لبلاد الاسلام فكونوا كالانصار الذين استقبلوا المهاجرين.

شكرآ خادم الحرمين….شكرآ خالد الفيصل…نيابه عن البرماويون (الأركانيون).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى