يعتبر النقد العربي الحديث بصبغته اليونانية ذات الطابع الأرسطاوى مكسبا راقيا بالنسبة للعرب في عصرنا الحديث لأنهم استطاعوا من خلاله ركوب أمواج ثقافة الغرب المتلاطمة التى بنوها على الدعاية والإعلان حتى جعلوا الإنسان العربي ذالفكر البدوي يترأمن ثوابته وقيمه الأصيلة ليواكب عصر الإنحدار الغربي محتسبا أنه رقي وازدهار فيعبد النار ويعظم الأصنام ويقلب الحقائق دون أن يشعر ويتميز هذ النوع بالغموض , والاغراق بالابهام والرمز والاسطوره ويستعصي الكثير منه على التحليل والتقويم والنقد بمقاييسنا المألوفه. لأنه ببساطة عمل غير صالح بالنسبة للفكر العربي والإسلامي والفطرة السليمة وقد عرف رواد الحداثة العربية بالفسق والولاء للغرب والابتعاد عن عادات العرب والمسلمين فهذه نازك الملائكة من رواد هذه المدرسة تقول:
كنت ملحدة؛ لا أؤمن بوجود الله ولا بأي دين من الأديان، وفي ذات يوم طلبت مني الجامعة الأمريكية التي أدرس فيها أن أحضر بحثاً عن المرأة العربية، فاضطررت إلى الرجوع إلى القرآن، فوجدت بعض نسخ القرآن على رفوف مكتبة الجامعة فأخذتها، فلما قرأتها انبهرت انبهاراً شديداً.
وليس بدر شاكر السياب عن ذالك ببعيد فبيئة أبي الخصيب التي تربى فيها بدر كانت بيئة ثورية وعلمانية. فأحد أعمامه كان من مؤسسي “الحزب اللاديني” الذي نما في البصرة وجنوبي العراق في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، وهو حزب ملحد كما قد يستنتج من اسمه.
لقد ركز هؤلاء على مسخ الثقافة العربية الأصيلة والتي تنبثق من مشكاة النبوة ومعين الوحي وسحر البيان وشرف الإنسان والزمان والمكان معلنين بذالك انقلابا ثقافيا على الأمة الإسلامية إبان الإحتلال اليهودي الصهيوني لأرض فلسطين الشريفة متخذين من الحرب اليهودية وانشغال المسلمين بهمومها وغمو مها وضعف اللغة العربية فى الجزيرة بعد غزو الإنقليزي لها ، رافدا لنشر ثقافتهم الغربية ذات الطابع المسيحي، متبجحين بأن العرب لم يعرفوا النقد قبل مجيئ هؤلاء المستشرقين جاهلين أن العرب قديما كانوا يقولون أن أشعر الشعراء من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته).
متناسين النهضة الأدبية الإسلامية الأندلسية التى استطاعت أن تترجم الجمال الأندلسي بموشحاتها العربية الانتماء محدثة بذا لك أسلوبا جديدا في الحضارة الأدبية ذات الجذور الإسلامية الراقية ،جاعلين من الإنسان العربي بهيمة أينما وجهت تطيع دون الرجوع إلى عقل أو فكر فهو في حد نظرهم إنسان قاصر الإدراك عاجز الرأي لا يفكر ولا يقدر فابتدعوا له أساليب في الأدب ضعيفة تتما شا مع لغته الضعيفة وعقله القاصر وإدراكه المحدود راسمين له خريطة المكر التى يسير عليها لترشده إلى مكان الضلال مخالفين في ذالك حجتهم العليا (أرسطوا ) الذي حدد المآخذ التي تؤخذ على الشعراء وأرجعها إلى خمسة أنواع: الاستحالة أو مخالفة العقل أو إيذاء الشعور أو التناقض أو الخروج على اصول الصناعة. ، وعدم الخروج على أصول الصناعة يعتبر جناية عند المحدثين العرب لأنهم لا يستطيعون المحا كاه فأرا دوا أن يسلكو مسلكا ابتدعوه لأنفسهم للخروج من الحرج
وإلا فمن المعلوم أن النظرية الأر سطية في الشعر والفن عموما ، وما يتعلق بأسسها الجمالية، تقوم بكاملها على مفهوم المحاكاة ، وهو مفهوم مركزي في كتاب الشعر لأرسطو. الشيء الذي خالفه فيه (افلاطون)حيث قال أن ما يحط من قدر الفن، ويقلل من قيمة العمل الشعري، هو كونه يعتمد المحاكاة، مما يبعده كل البعد عن الحقيقة، وبين هذ وذاك يبق الشعر في نظر العرب أسمى من أن يتبعوا فيه قوانين الغرب ولا أقوال الفلاسفة
ويكفيه من التعريف عند العرب ما قاله قدامة بن جعفر في كتابه نقد الشعر ، فقد عرف الشعر بأنه : ( كلامٌ موزونٌ ومقفىً يدلُّ على معنى ) (1) ، ومن خلال المرور على هذا التعريف مرَّ الكرام ، نرى أنَّه ينطبق على قول ابن مالك في ألفيته :
واحده كلمة والقول عم****وكلمة بها كلام قد يأم[/CENTER]
وأخير ا وليس آخرا فإني أقول للمستشرقين ما قاله الحطيئة
[CENTER]الشِعرُ صَعبٌ وَطَويلٌ سُلَّمُهإِذا اِرتَقى فيهِ الَّذي لا يَعلَمُه
زَلَّت بِهِ إِلى الحَضيضِ قَدَمُه
وَالشِعرُ لا يَسطَيعُهُ مَن يَظلِمُه
يُريدُ أَن يُعرِبَهُ فَيُعجِمُه [/CENTER]