المحليةالمقالات

اللخمي

في مراحل التغيرات الحضارية والفكرية التي تمر بها المجتمعات تجدهم دائما ، أولئك الذين جعلوا من ابداعهم جسرا يستحضر الماضي ويتألق بالحاضر، لا يتشرنق بفنه حول الموروث ولا يستكبر بيومه عن أمسه ، ومن أولئك المبدعين تجد الشاعر الكبير صالح اللخمي الذي دفعت به قبيلة زهران إلى عالم الابداع على عادتها في اثراء التاريخ الثقافي العربي بالكثير من المبدعين على مرّ العصور.

أول شيء شدني الى هذا الشاعر هو لقبه اللخمي ، وهو لقب تحمله أسر في غامد مثلما هو الحال في زهران وله في ذاكرتي تداعيات تعود بي الى تاريخ العرب الاوائل ومع أن هذا يكفي بالنسبة لي ليخلق جوا حميميا بيني وبين الشاعر الا أن هناك من الأسباب الأخرى ما أسهم بقوة في خلق ذلك الجو بالفعل.

من تلك الأسباب أن الشاعر قد جعل من ثقافته ومن ابداعه جسرا بين الماضي والحاضر، فالمرحلة التي بدأ التحليق في أجوائها هي مرحلة انتقالية مخيفة ، ماتت فيها مفردات وألحان وطروق وعادات، وأبصرت النور فيها مفردات وألحان وطروق وعادات جديدة ، وأصبحنا بين جيلين تفصل بينهما مساحات من الصمت والغربة، جيل استقرت به سنوات العزلة على أعتاب زمن منفتح ، وجيل وجد نفسه في مواجهة جيل يحبه وان كان لا يفهمه جيدا.

قدم اللخمي في قصائده الكثيرة مئات المفردات والتعابير والأوابد التي أختص بها جيل الأمس (صدرعيسان ، دخاين ، الشامتين ، القحم ، بيضان الاعسر ، أقدى ، جوخ بغداد وغيرها ) كما قدم مئات المفردات والتعابير والمفاهيم التي اختص بها جيل اليوم ( ديانا ، أميرة ويلز ، باريس ، الفايد ، رأفت الهجان ، المسارح ، الشاشة الفضية وغيرها ) ، وهو أيضا قد سعى للتوسط بين الجيلين في قصائده فأشاد بمحاسن الفريقين ، واستنكر أن يتخلى المعاصرون عن القيم التي كرس لها الأولون .

ومن أجمل الطروق التي تسمعها من الشاعر صالح اللخمي هو طرق الحدوة الشامية ، وهو طرق قد انقرض منذ زمن ولكنه عاد مع جيل اللخمي وتغنى هو به كثيرا بل نسج على بحره واحدة من أجمل قصائده ، أعني بها تلك التي اشتهرت بين المتلقين باسم ” ديانا ” نسجها على بحر الرمل المروبع فجاءت قطعة من حكمة ومن جمال آسر، وجاءت أيضا مؤكدة على ذلك الجسر المكين الذي أقامه الشاعر للوصل بين جيلين مختلفين .

محمد ربيع الغامدي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لافض فوك يا ابو ربيع فقد ابدعت في نص هذا المقال الذي تحدثت فيه عن شخصية زاهدة عن الإعلام رغم ما يتمتع به من ثقافة واسعة وشاعرية فذة رصينة رزينة . واللخمي طيلة مشواره في شعر العرضة الجنوبية لم يسيء لأحد ولا لقبيلة ولم يخلف وعوده مع اصحاب الحفلات ولم يكن المال ذو همية بالغة بالنسبة له ولهذا فرض احترامه على الجميع

    نتمنى ان يكون مقالك هذا هو الجزء الأول وبكل تاكيد ننتظر الجزء الثاني لنستمتع بجمال قلمك وفكرك عن الشعر الجنوبي.

  2. لافض فوك يا ابو ربيع فقد ابدعت في نص هذا المقال الذي تحدثت فيه عن شخصية زاهدة عن الإعلام رغم ما يتمتع به من ثقافة واسعة وشاعرية فذة رصينة رزينة . واللخمي طيلة مشواره في شعر العرضة الجنوبية لم يسيء لأحد ولا لقبيلة ولم يخلف وعوده مع اصحاب الحفلات ولم يكن المال ذو همية بالغة بالنسبة له ولهذا فرض احترامه على الجميع

    نتمنى ان يكون مقالك هذا هو الجزء الأول وبكل تاكيد ننتظر الجزء الثاني لنستمتع بجمال قلمك وفكرك عن الشعر الجنوبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى