نكَّست رأسها خيبة وإحباطًا للمرة الألف منذ أن شعرت باستقلاليتها ونضوج عقلها واتقاد فكرها ، لم يكن عارًا ارتكبته ولا خطأً قارفته ولا ذنبًا عليها الملائكة سجَّلته ، كل ما بدر منها أن أتقنت السباحة عكس التيار وفشلت عمّا دون ذلك ، حملتها إرادتها على ما يفوق أقرانها بكثير ودفعتها همتها للشيء الجليل، اعتنقت معتقد قناعاتٍ .
يقذفونها بالمثالية ، وتبنت قيمًا تشذُّ عن الشخوص العادية ، رغم أنها بكل ذلك كانت صامدة قوية إلا أن تلك اللحظات التي كانت تشعر فيها بأنها وحدها وأنها تُقابل بالسخرية ممن حولها مرة وبالاستنكار مراتٍ عدّة.
لا أحد ممن حولها يؤمن بما تؤمن به ويستحسن ما تقدم على فعله ، تكافح مرتين مرة للبقاء والثبات ومرة لتحقيق الأهداف والمراد وذلك يُثقل كاهلها كثيرًا ، تتمنى أحيانًا لو أنها لم تكن شيئا يكن ، من يستطيع التنبؤ بالوقت الذي ستستلم فيه بعد عام ؟ عامين ؟ أو حتى ثلاثة ؟ وربما لن تستسلم حتى تعود الروح لبارئها ، أوما كان هذا نهج محمد بن عبد الله عليه صلوات الله ، حينما قال (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )) من يستطيع حصر ما حاك له قومه من الرزايا ، أو تحمل ما أصابه من المكائد والبلايا ، عندما بُعث وحده لأول مرة بملة تخالف أمّة ودين فضائله جمَّة فحمل هدفه وحده على ظهره بهمة بين الأهل والأصحاب والخلان والأرباب ،حتى بدأ في استمالة القلوب بوحي الله علاّم الغيوب ورغم ذلك مرت عليه مواقفٌ كان في سجال فيها مع أقرب الناس له وأخرى كان الأشوس بين جيوشه حينما قرروا الاحتماء به ، كيف لنبيي أن يكون بهذه القوة وأن يكافح حتى ينشر فضائل دينه مجلوة ؟!
هي قوة الاعتصام بالله وقوة الايمان بما يعتنقه الفكر وتدعو إليه الشفاه ولو كان فردًا يخوض وحده غمار الحياة
فقد كان إبراهيم وحده أمة قانتًا لله ، ويقول الفضيل بن عياض ( الزم طريق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين ).
فلك أنتَ ولكِ أنتِ ولنفسي أوجه رسالتي هذه :
آن تخسر قناعاتك ومبادءك وتتراجع عن تحقيق ما تصبو إليه بسبب كبوة أو عثرة أو ألفٍ من هذه وتلك فترضي غيرك وتخسر نفسك ولا تحقق ما حققه نبيك صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام وإبراهيم الإمام ، حينها حقًا ستحيا وحدك بلا هوية ولا قيمة ولا نظام ،لكن صدقني طالما أنك تعبد فاطر الأرض والسماء أنت أقوى من العثرات وأقدر على مواجهة العناء.