مع شيوع الانترنت ارتفع سقف الكلام فاتسعت مساحات الرأي وتمددت فضاءاته، وشيئا فشيئا تطورت تقنيات الاتصالات حتى بات كل واحد من الناس يمتلك في برديه وكالة أنباء متحركة، تتابع الحدث وتنقله صوتا وصورة، وفتحت مواقع التواصل الاجتماعي أبوابها لتلك الوكالات البريئة، فتفتحت تبعا لذلك كاشفات فساد كنّ بالأمس نوّما.
عندما ضربت غيمة سوداء مدينة جدة منذ سنوات كشفت أمطارها الغطاء عن إهمال شنيع كان يفتك بعروس البحر تحت مظلة فساد كان بعض الناس يعرف بعض جوانبه و بعضهم يعرف جل جوانبه وبعضهم يعرفها كلها إلا صحافتنا العزيزة كانت في واد ومصالح البلاد والعباد في واد آخر .
كان موقف القيادة السعودية مشرفا منذ البداية ، فهي قد أعطت حرية كاملة للإنترنت لم تكن لتتوفر في كثير من البلدان العربية ، ولم تتدخل في الشأن الافتراضي الا عندما يكون ذلك التدخل مبررا لدى الشريحة العظمى من أصحاب الاهتمام ، وهي أيضا وقفت مع المواطن في فاجعة سيول جدة وأثبتت القيادة السعودية التزامها بالشفافية التي تطالب بها دائما .
الآن هناك مواقع كثيرة للتواصل الاجتماعي، وهناك صحف اليكترونية كثيرة تتابع الشأن المحلي بوعي واقتدار، وحتى التلفزيون السعودي والاذاعة السعودية قد نزلا إلى خندق الشفافية انحيازا للوطن ولمصالحه بينما الصحافة لاتزال في مكانها خرساء الا قليلا .
سأعاتب تلك الصحافة كثيرا وبخاصة ما كان منها قبل سيول جدة ، تلك التي لم تنتبه الا بعد أن جرفها السيل أو كاد ، وسأعتبرها شريكة فيما حلّ بجدة يومها ، غير أنني لن أقطع الأمل في أن تمتلئ هياكلها التحريرية بكفاءات لا ينحصر همها في المكافآت فقط ، تنحاز للحق وللرشد فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس .
محمد ربيع الغامدي