مودة الفؤاد
[COLOR=#FF003E]أدَبْ الكَلَامْ[/COLOR]
نبيه بن مراد العطرجي
[JUSTIFY]مَيز الخَالق تَبارك وتَعالى الإنْسان عَن غَيره مِن الكَائنات بِنعم كَثيرة لا تُعد ولَا تُحصى ، ومِنها نِعمة الكَلام التِي تُعد شَكل مِن أشكَال اللُغة ، وفَن مِن فِنون الحَياة لَا يتقِنها إلا مَن وَهبه الله خصَائص مَلكَتها ، ومَع مُرور الأيَام ، وتَقدم العُمر تتَطور مَهارة القُدرة الكَلامية لدَى الإنْسان مِن خِلال الإستِماع أوْ القِراءة حَتى يُصبح ذُو لِسان طَلق يَعي مَا يقُول بأسْلوب راقِي لَا يجْرح هَذا ، ولَا يَغلط عَلى ذَاك ، ويَحترم مَن يَستمع إلَيه ، ويُعتبر مِن أعظَم الوسَائل التِي يَمتلكها المرءْ للتَعبير عَما فِي نَفسه ، فَيعبر عَن وجهَة نَظرة مِن إطَار رؤيَته الشَخصية عِبر ضَوابط ومعَايير آداب الحَديث والحِوار ، قَال الماوَردي هُو – ترجمَان يُعبر عَن مُستودعات الضمَائر ، ويخبِر بمكنُونات السَرائر ، لَا يُمكن إسترجَاع بَوادره ، ولَا يَقدر عَلى رَد شوَاره ، فَحق عَلى العَاقل أنْ يحترَز مِن زَلة بالإمسَاك عَنه ، أوْ الإقلَال منه – فللكَلام أدَب وآدَاب يَجب أنْ يَتحلى بِها المتَحدث مَع المستَمعين بِغض النَظر عَمن يَكونوا ، فَلا يتَقدم بالحَديث عَلى مَن هُو أكبَر مِنه سناً ، أوْ أغزَر مِنه علماً ، أوْ أعلَى مِنه مَقاماً ، والإنْسان مُطالب بِأن يتكلَّم بالخَير ، وبالطيبْ العفِّ مِن الكَلام ، والإسْلام حثْ عَلى أدَب الحدِيث ، وَدعى إلَيه للتَواصل مَع الغَير بإختِيار أجمَل الكلِمات ، وأحْسن الألفَاظ {… وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ …} والإبْتعاد عَن الخَبيث مِن الكَلام ، والهجِين مِن الألفَاظ ، والأصلْ فِي المسلِم أنْ يحَاول الإبتعَاد عَن الكلمَات والألفَاظ المحتَملة ، وأنْ يَستعمل الألفَاظ الطيبَة ، وهَذا مَا جَاء بِه الأدَب القرآني {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ …} فَهو وَجه مِن وجُوة المرءْ التِي يُستدل بِها عَلى صَاحبة ، فَمن خِلاله تُعرف شَخصية المتَكلم ، والتَربية التِي تَربى عَليها ونَشأ ، لأن الأخْلاق تَبدأ بأدَب وعِلم البَيت مُنذ الصِغر ، فَمن تَجده يَفقد أدَب الحَديث مَع مَن هُو أكبَر مِنه عُمراً ، وعِلماَ ، ومكَانة فَأعلم بِأنه مِمن يُعانون مِن مَرض نَفسيِ ، ويَبحثون عَن الشُهرة لِيطفوا عَلى وَجه المجتَمع بِسوء أدَبة ، وقِلة حيَائه ، رُوي عَن أبِي مُوسى رَضي الله عَنه أنَه قَال : قُلت يا رسُول الله : أيْ المسْلمين أفضَل ؟ قَال عَلية الصَلاة والسَلام : ( مَن سلِم المسلِمون مِن لِسانه ويَده ) .
جَعلنا الله مِن المتحَدثين بِأعذب الكَلام ، وأحْسنة ، وأجمَله .
هَمسة : الكَلمة تتَطبع بِطبع قَائلها .
ومَن أصْدق مِن الله قِيلاً {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}[/JUSTIFY]