كان بعض المعلمين قبل ربع قرن من الزمان لا يأتون بسياراتهم إلى المدرسة أيام الاختبارات؛ خشية تعرضها للتلف من قبل الطلاب المعتدين، لكنهم اليوم ـ وطوال العام ـ يضعونها في مواقع بعيدة عن مدرستهم الثانوية ، وللسبب ذاته!!!
لم يعد المشرف التربوي يتكاسل عن زيارة المعلمين داخل الفصول فحسب؛ بل وصل كسله إلى قيام سكرتير المدير بتختيم بطاقات تقويم المعلمين؛ وتوصيلها إلى سيارته المنتظرة أمام باب المدرسة!!!
لا تجد في طالب هذا العصر حرصاً على استيعاب المعارف، وفهم المسائل، كأن يطلب من أستاذه إعادة شرحها، أو توضيح الغامض منها، لكنك تجده كثير الإلحاح على حذف المواضيع، أو رفع الدرجات، أو إعطاء وقت للراحة !!!
لو قدم المعلم لطلابه واجباً منزلياً يزيد عن صفحة واحدة؛ لقاموا عليه رفضاً ، وثاروا عليه تمنعاً ، وحجتهم أن الواجب يرهقهم، والفعل يشغلهم!!!
تعاميم الإدارة التعليمية تشبه ـ في زخمها وتنوعها ـ إصدارات الصحيفة اليومية ، مما ينتج عنها تذمر وضجر، وتهاون وإهمال ، صحيح أن منسوبي المدرسة يوقعون عليها فوراً ؛ ولكن دون النظر في محتواها!!!
لم تعد الحقائب المدرسية ـ بكفراتها المتحركة ـ سهلة التنقل ، بل احتاج أمرها إلى قيام بعض الأسر بتخصيص حمالين يحملونها ؛ عن أبنائهم التلاميذ في المرحلة الابتدائية !!!
الإداريون الذين ازدحمت بهم المدارس؛ لم يستفد منهم الطاقم التعليمي؛ في التخفيف من أعبائهم الكثيرة، وأعمالهم الجسيمة، بل أضحوا عبئاً ثقيلاً على مدارسهم، وما عمل بعضهم سوى ارتشاف أكواب الشاهي، واحتساء أقداح القهوة!!!
إن المعلم الذي يضرب طلابه على السلوك السلبي، وينادي بأساليب القسوة في التعامل؛ هو بعينه الذي يرفض ـ بشدة ـ أن يوصم بالمنفر القاسي ،أو أن يكون المنبوذ المكروه بين الطلاب!!!
حضر الطالب أم غاب، ثابر أم فرط ، استوعب المهارات، أم لم يستوعبها؛ فالنجاح مضمون له مقدماً في المرحلة الابتدائية، حتى وإن كان لا يعرف كتابة اسمه ، أو يقرأ عبارة البسملة!!!
ما يهم بعض القيادات التربوية أولاً وآخراً ؛ هو ذاتها ومجدها، ومصلحة نفسها، وإلا لماذا يكثرون من عقد الاجتماعات ، ولا يخلصون في متابعة قراراتها ، ولا يصدقون في تنفيذ توصياتها !!!
المدرسة التي يحصد طلابها نسباً عالية في الثانوية العامة ، ولا يستطيع أحدهم إحراز درجات متوسطة في اختبار القدرات، أو اختبار التحصيل، يعني أن لديها قصور كبير ، وخلل فظيع !!!
السفن التي تمخر عباب المحيط التربوي؛ تختلف في إمكاناتها وقدراتها ومستوياتها، مما يؤدي إلى شعور راكبيها بالنقص والغبن ، فإلى متى لا يكون هناك عدل في المباني، ومتى يقع الإنصاف في جميع المرافق والتجهيزات ؟!!!
هناك في مدارسنا قوى بشرية عطاؤها قاصر ، وعملها ناقص ، مما نتج عنهم ضياع وتضييع، وتشويش وتشويه ، وقد وجب علينا إجبارهم على التقاعد المبكر، أو إلزامهم بالتدريب المتطور!!!
لا يزال المعلم يتجه إلى فصله؛ وكأنه يتجه إلى فصل تعذيب، فالفصول الضيقة المزدحمة، تخنق الأنفاس، وتعطل القدرات، فلا بيئة تساعد على الجودة فيه ، ولا مناخ يساعد على الإبداع داخله ولا حوله !!!
المدرسة: الشاملة، المقررات، الرائدة، النموذجية، المتطورة…؛ من المصطلحات الضخمة في الساحة التربوية، والتي كان لها بريق ورنين، ولكن ثبت أنها كغيرها في النتائج والمخرجات ، فإلى متى لازال تعليمنا يعاني من حالة التذبذب والتخبط ، ومتى تنتهي فيه التجارب ؟!!![/JUSTIFY]