المحليةالمقالات

ضحايا غارقون للنخاع

حدثني غير واحد عن تورطه في الديون، وهو ضحية للجشع أحيانا والنصب في أحايين أخرى. فما بين سقوطهم في مديونيات أسهم سوق المال وارتفاع المبالغ التي استدانوها من البنوك, إلى وقوع البعض الآخر في براثن مساهمات (سوا) وما جرته عليهم من ويلات, وطرف ثالث كان ضحية للمساهمات العقارية, ورابع للمساهمات العامة, والنتيجة سقوط هؤلاء مع أموالهم وكلما أرادوا أن يرتفعوا لتعويض شيء من خسائرهم عادوا للسقوط من جديد, وهكذا أصبح كثير منهم لا يستطيع حتى أن يصرف على أسرته, بل إن بعضهم سطا على أموال أخواته وإخوانه الأيتام رغبة في تعويض خسائره ولكنه من خسارة إلى أخرى وهو فاتح فاه, لا يدري ماذا يفعل.

هذا السقوط الذي يقعون فيه جاء نظير تلهفهم تجاه الدعاية التي تتخذها الشركات والأصدقاء والمعارف, كل يغني على ليلاه في سبيل حشد الآخرين لتحقيق أهدافه، وفي النهاية خسر هو وكان ضحايا مشورته إلى جانبه سقوط محملين بأرتال الديون يتقلبون يمينا وشمالا وليس أمامهم إلا الرضا بأمر الله لكن مشكلتهم أنهم مازالوا مستمرين في الاستدانة لحلول غير قريبة التحقق لأن الأمر بيد الله ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين, فإذا لدغت مرتين فأنت تنتظر الثالثة والله أعلم أين ستكون, فليبتعد هؤلاء عن الديون التي أغرقتهم وأغرقت الآخرين وليتنبه قبل أن يقع الفأس في الرأس, ولعل من مجرات الديون أيضا الانغماس في قضايا التقسيط بصبغته السابقة التي أصبح فيها الكفلاء هم الغرماء وأضحوا هم المطالبون بالتسديد ومازالت المعارك قائمة بين الكفلاء والمشترين ما جعل الكفلاء مغرقين في الديون لأنهم أصبحوا يقسطون عن غيرهم, بأحكام شرعية مستوفاة لا مناص من تنفيذها, فأصبحوا بين عشية وضحاها هم المستهدفون, وهكذا يقضون أيام حياتهم إلى أن تنتهي ما عليهم من مديونية, والمعنيون بالأمر أصبحوا في مواقع لا يعرف كفلاؤهم عنهم شيئا, وهكذا تتعدد وجوه الدائنين وما يعانونه من جراء ما وقعوا فيها مع اختلاف الطريقة, وأسمائها, ولكنهم في النهاية يجتمعون جميعا تحت سقف وطأة الديون, ولا يعلم متى سيتخلصون منها لكن معاناتهم دون شك يندى لها الجبين, وهي من الأحاديث التي تدور في كل حين, وربما بعضها يكون كفيلا بخراب بيوت بعضهم, ودخول آخرين غياهب السجون وحتى يأتي الفرج لهؤلاء ليس أمامهم إلا رفع أكف الضراعة لمن أوجدهم وليصبروا فليس بعد الغمة إلا الفرج وليس بعد الدعاء الصادق والإلحاح إلا الاستجابة, وأن الله ليستحي أن يرد يدي عبده صفرا يقول صلى الله عليه وسلم: “إن ربكم حَيي كريم، يستحي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صِفْرًا” [أبو داود والترمذي وابن ماجه]. وكذلك أوصيهم بهذا الدعاء الذي علمه الرسسول الحبيب صلى الله عليه وسلم لإبي أمامة (اللهم أني اعوذ بك من الهم والحزن ومن العجز والكسل ومن البخل و الجبن ومن غلبة الدين قهر الرجال فعلى من يمر بضائقة مالية أو ديون أو أي أمر آخر أن يستغل كرم الله لتحقيق حاجاته, فهو السميع المجيب لكل عباده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى