قد تكون اللحظة عالم وقد يختزل العالم في لحظة .
في عمق في عمق الزحام يشدك مشهدا لجعل كل تلك الجموع لا تعي لك شيئا سوى تلك اللحظة .
تمر من أمامك سيارة مسرعة بشكل جنوني .. يرمقك سائقها المنتشي بتلك المقطوعة الصاخبة بنظرة تقف من اجلها كل اللحظات .
تمضي الحياة متسارعة جدا ، كل شيء يركض ، النمو يحلق في كل الأمكنة ، وفي لحظة واحدة يقف كل شيء ، إنها لحظة لقاء الرب في أريحة وقداسة ونقاء الصلاة .
جمع غفير من البشر ، الصخب يضج به المكان ، وطفل في آخر الزاوية يوقف اللحظة بنومة هانئة في حجر أمه .
امرؤ القيس يقول لصاحبه :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل .. بسقط اللوى بين الدخول فحومل
امرؤ القيس في هذه اللحظة يستعيد الزمن ويوقظ شعور اللحظة وعنفوان الوجود .
في زحام المركبات يرمقه بنظرة هي لديه عابرة ولكنها فتحت الكثير من الملفات لدى الآخر ، يا الله كل هذه الأسئلة والبطولات أيقظتها لحظة عابرة لم تعطي اعتبارا لاحمرار الإشارة .
يقال بان اللحظات تحمل معها حظوظ وفواتح ، والذكي من كان مستعدا لاغتنام الفرصة ، لأنها لحظة قد لا تعود أبدا ..!
في عالم التصوير المصور البارع هو من يغتنم جمال اللحظة ، فيوقف اللاعب في الفضاء ، ويظهر مشجعا يفتح فاه ، وآخر يتأمل ، وثالث غاضب ، ورابع مسرور ، هو يقدم للمُشاهد المَشاهد ، ويترك له الاستمتاع بلحظات التأمل في أعماقها ..!
العالم الآن يمر بزمن الشاطر فيه من اغتنم روعة اللحظة ، وعرف كيف يخرج لنا اللحظات في صور تباع بالملايين ، ليغوص الجميع في روعة اللحظات وجمالها وبهائها .
والناس في التعاطي مع اللحظات صنفان ، صنف لا يعي ماهية اللحظات ولا يهتم بها وربما لا يشعر بها ، وآخر يتأمل فيها ، ويغوص في أعماقها ليراها بنظرة بانورامية شاملة ، تمكنه من الاستمتاع بها بشكل جميل ، وتجعل وقته ماتعا يانعا هانئا .
حكمة المقال
استمتعوا بعالمكم الجميل قبل أن تقف الحياة وتموت اللحظة ..!