المحليةالمقالات

بين الرتابة والتفاؤل

[COLOR=#FF0000]بين الرتابة والتفاؤل[/COLOR] د. محمد خيري آل مرشد
[JUSTIFY] إعادة النظر في السلوك العطائي الأخلاقي أمر هام للغاية ، على أساسه يجب مراجعة الذات بشكل دوري إن لم نقل يومي لتقييم هذا السلوك وتقويمه إن احتاج الأمر ، وأن لا يتم ذلك بالتغيير إلى سلوك استهلاكي دعائي شكلي لا جوهري وأخلاقي ..

قد تمنح الرتابة التي يداوم عليها الكثيرون قيام علاقة سلام مع الذات وهدوء مع النفس ، ولكن ذلك لن يتم إذا لم يكن الشخص متوجها بالوجهة الصحيحة ، أو أن وجهة مسيره وأهدافه وغاياته ضبابية مشوشة ، ما يؤدي إلى الارباك والتخبط بل إلى التوهان أحيانا في الوجهة والاتجاه ، وإذا ما شمل التوهان والضبابية والتشويش الإدراك والعوامل المؤثرة وخاصة حقيقة النفس الإنسانية ومآلاتها ، ازداد الارباك والاضطراب وهو السبب في ابعاد النفس عن طريق نجاحها وسعادتها ورضاها ..

إنها جغرافية النفس الإنسانية ، التي يجب أن تدرس تضاريسها بتعلم خباياها ومساراتها بإدراك مآلاتها ومتطلباتها ، ليتمكن الإنسان من معرفة الاتجاهات التي يجب أن يسلكها ومتى وكيف فلا يذهب إلى غير اتجاه ، ولكي لا يصل متأخرا أو قبل الوقت ، وكذلك ليحدد وجهة الوصول تماما ..

ليس عيبا الاستدلال بالنجوم والحشائش لتحديد الوجهة الصحيحة ، بل كل العيب في التوهان المستمر دون البحث في سبل المعرفة والاستدلال للوصول الي الغايات النبيلة والجميلة ، فالتقدير الأمثل للأمور يعتمد اعتمادا واسعا على قدرة التصور والخيال للواقع أولا ، مستخدما المعلومات الصحيحة بكل ألوانها وأركانها الممكنة ، ليتسنى إتمام شكل الموزايك المنشود ما أمكن ؛ فتكون الصورة واضحة والمعالم جلية لتتوظف في ابداع جديد ..

انظر من هذه اللحظة إلى الأفق البعيد الممتد أمام عينيك ، حاول أن تملأ جزء من هذا الفضاء الشاسع بخيرك ، إنها فرصتك .. تقدم في هذا الحيز الكبير الواسع ، إنك كلما خطوت خطوة إلى الأمام ملئت أنت المكان الجديد وتراجع ماكان إلى الوراء ، هي تماما تلك المساحة التي حصلت عليها أنت بأهميتها هو قانون الإزاحة الطبيعي الذي لا يسمح بوجود فراغ محافظا على هذا التوازن .

الإبداع لا يتحمل الرتابة عادة إنما طرق كل الأبواب بل خلعها تماما في بعض الأحيان والولوج في فضاءاتها والتعرف على أسرارها ، باستخلاص نتائجها وتحويله إبداعا أو تركيبه مع عناصر أخرى بصياغة إبداع جديد ..

نرى أن الرتابة المستديمة والتوقف عند نقطة ما والعمل في ساحة ذهنية ذات جغرافية مغلقة أقرب لإعطاء التشاؤم مدخلا إلى هذه الساحات بل احتلالها ، إنما التعامل في الأفق المفتوح والبحث عن تجارب ايجابية مفيدة تدعمك بجرعات تفاؤل مطلوبة ، بلا شك أنها تحسن من حالتك النفسية لتجعلها اقرب الى السعادة ، فالتفاؤل دواء التوتر ..

التفاؤل هو البوابة الواسعة التي تدخل منها إلى الحياة فكلما وسعت آفاق الاحتمالات الممكنة كلما كان نصيب اختيارك لطريق أفضل وارد أكثر ، فلا تتوجع وأنت تدوس الحصى على طريق النجاح .. اعرف قدراتك واستخدم امكانياتك ووظف طاقاتك لتحول الرتابة في حياتك إلى حركة ايجابية مستمرة في فضاءات الاستكشاف ، لتقودك إلى تأكيد ذاتك وتأكد لو رضي المفكرون والمبدعون والعلماء بالواقع الذي كانوا عليه ، لما وصلنا إلى ما نحن عليه فقد غيره المتفائلون لنعيشه نحن..

جميل احترامي
[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى