المحليةالمقالات

من يصنع هيبة المعلم ؟

يتردد اليوم كثيراً أن المعلم فقد هيبته .. وتعالت أصوات المعلمين مطالبة الوزارة بإرجاع هيبتهم المفقودة .

فتساءلت .. هل الوزارة هي التي نزعت عن المعلم هيبته ؟ وهل الهيبة أصبحت مثل رداء أو قشرة خارجية يُلبِسها المعلم من يشاء وينزعها عنه من يشاء ؟

المتعارف عليه أن الهيبة الحقيقية يصنعها الإنسان لنفسه وينميها حتى تصبح جزءاً من شخصيته فيقال (فلان ذو هيبة) ؛ بخلاف الهيبة المصطنعة التي يصنعها المال أو الجاه أو المنصب وغير ذلك ، وسرعان ما تزول بزوال سبب وجودها.

إن الهيبة الحقيقية هي ذلك الوقار الذي يكسو الشخص ويقف حاجزاً يمنع الآخرين (الأسوياء) من التجرؤ عليه ؛ احتراماً وتقديراً لشخصه واعترافاً بقيمة العمل الجليل الذي يقوم به.

وهي انعكاس لما يقدمه الإنسان للآخرين من سلوك ونفع ، فكلما ارتقى الإنسان في سلوكه وزاد نفعه لمن حوله زادت هيبته تبعاً لذلك.

فيا معلم الأجيال .. إن مهمتك أعظم وأكبر من مجرد تلقين المواد العلمية .. فأنت مسئول عن إصلاح النشء وتربيتهم .. ومن أصول تربيتك لهم أن تكون (مهابا) بينهم.

يا أيها المعلم .. أنت من يصنع هيبتك .. ويرسخها ولن يقدر أحد أن ينزعها منك لأنها ستصبح جزءاً من شخصيتك.

ستصنع هيبتك عندما تعامل تلاميذك على أنهم أبناؤك .. متفهماً خصائص مراحل نموهم ؛ عندما تجعلهم يثقون بمحبتك لهم وأنك إن حزمت أو عاقبت فما ذاك إلا لحبك لهم وحرصك على مصلحتهم ؛ عندها سيطيعونك عن قناعة وسيبقى أثر ماغرسته فيهم راسخاً في نفوسهم حتى بعد تخرجهم.

ستصنع هيبتك عندما يرون أثرك الواضح في نفوسهم قبل عقولهم .. في بناء القيم قبل تعليمهم العلوم النافعة وستظل سيرتك العطرة محفوظة في ذاكرتهم طوال حياتهم.

ستصنع هيبتك عندما تكون قدوة صالحة تحكي أفعالك ما تريد قوله قبل لسانك ؛ وتكون نموذجاً يحتذى به في كل مكان وكل موقف.

ستصنع تلك الهيبة التي لا تتعارض مع ضرورة وجود ما يدعمها من قوانين رادعة لمن يحتاجها من أبنائك الطلبة والتي لن تحتاجها إلا فيما ندر ؛ فهي بمثابة الدواء الذي يستخدم عند اللزوم فقط ؛ مع مراعاة تطبيقها في إطار الوالدية وليس الانتقام فالأب لا ينتقم من أبنائه.

كما أن للأسر دورها في ترسيخ تلك الهيبة فالأسرة هي المحضن الأول وغارسة المبادئ والقيم. ومنها احترام الكبير عموماً.. فما بالكم بالمعلم.

أما وسائل الإعلام فلا تسل عن دورها الفعال في رسم الصورة الصحيحة للمعلم وأثق بأن الجميع يتمنى عدم رؤية بعض الصور المهزوزة المثيرة للسخرية التي تصور بها بعض وسائل الإعلام مربي الأجيال الفاضل وهي بالتأكيد لا تمثل إلا أصحابها.

يامن كدت أن تكون رسولاً .. ابدأ بصنع هيبتك بنفسك ؛ وستجد كل العون والمساندة .. يكفيك شرفاً أنك حملت ميراث النبوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى