المحليةالمقالات

إنسانية كبيرة في جسد صغير

[COLOR=#FF0026]”إنسانية كبيرة في جسد صغير” [/COLOR] لجين ريان سمباوه
مدرب معتمد في التنميه البشريه وتطوير الذات
[JUSTIFY] كلما حاولت الكتابة عن الإنسانية فشلت، ووجدت أن مخزون مصطلحاتي لا يكفي أو غير معبر عن كلمة كبيرة مثلها، حتى التقيت بـصافي و ميدو و العمده … ثلاثي جميل علمني معناها البسيط الذي لم تشوهه المنطقة أو يشوهه عفن الظنون السيئة، صافي التي تسمى صفاء .. صافيه القلب، نقية من الداخل، ميدو الذي يدعى محمد.. مشاغب ويحب التعبير عن نفسه بنكات مليئة بتفخيم الصوت وافتعال الضحك، العمده عماد بطلي الصغير، يمشي بحماس ويلاحق أخته بعين الحارس ،لبق ومحترم وكأنه ولِّد ليكون قائدا صغيرا.

من كان يعلم أن رحلة للملاهي كانت ستتحول لرحلة لغسيل الروح و فلترة للمفاهيم و “الكلاكيع” النفسيه، رافقني فيها الثلاثي المذكور أعلاه ، فالبقرب من “الشوّايه ” رأينا صافي تتأملها بوجه خائف، وباقترابنا منها بادرت بالسؤال:”تخوِّف..!” عبرت عن خوفها و أعلنت حاجتها للدعم النفسي بشكل مباشر و اصرت على الجلوس بجانبي لكي تشعر بالأمان، و بالمقابل أخاها ميدو جلس بجوار أخي لنفس السبب، سمح لهم والدهم بمرافقتنا أثناء اللعب و كانت مبادرة جميلة منه و فرصة ممتازة لي لكي أرى الإنسانية تتحرك حولي، صافي تعيش لحظتها بكل تركيز تهتم بالجميع وكأنهم أهلها، ولا أنسى أنها الأكثر خوفاً و الأكثر دعماً للكل فقد كانت تقول في أول اللعبه “بسم الله” بصوت مرتفع ليسمع الجميع و تستودعهم عند الله أثناء صعودها.

ميدو الفكاهي الصغير، لا يكاد يترك أحدا حتى يتحدث معه ويجعله يضحك، حتى وهو على متن اللعبه يتحدث مع الأطفال الذين ينتظرون و ينظرون بالاسفل، والجميل أنه في كل مره يضحك فيها لم يسخر من أحد أو يستهزئ بل يصنع الفكاهة من كل شيء.
العمده و ما أدراك من العمده .. الحقيقة هذا الطفل الذي وقعت في حبه من أول نظرة ، جاء معنا في آخر لحظة، كان في الصف الثالث إبتدائي و لكنه رجل عظيم في جسد طفل، أعتقد أن الحب متبادل بيننا فقد كنت أتحرى أن أركب الألعاب التي يختارها، و يتعمد الجلوس بجواري ، تم الإتفاق بيننا على أن اختيار اللعبه التالية سيكون من الأصغر إلى الاكبر فكان هو الأول و أنا الأخيره ، فقال مستنكرا: ” لو كنتِ أكبر واحده في العالم ما تكونِ الأخيره” ، ذهلني تعبيره عن الحُب بكل بساطه و رقة ، و لا أنسى كلمته لأخي موصيا قبل ذهابنا: ” أنتبه عليها..”.

علموني أن الخوف شعور طبيعي لابد من التعبير عنه ، و الإهتمام ليس حكراً على أحد ، و الفاكهة لا تعني السخرية و الحديث مع الآخر الغريب ليس بتلك الصعوبه، و الحُب شعور نبيل و جميل يستحق التعبير عنه ببساطه، -حفظهم الله حيث كانوا-، ولو تسنى لي الوقت لشكرت أهلهم ، فالتربيه التي لا تشوه الإنسان الذي بداخلهم تستحق الإشاده والشكر ، ولا نستطيع أن ننكر أننا مهما كبرنا فنحن نحتاج للحب و الإهتمام والضحك .. بل و مهما بلغت الحماية حولنا فنحن نحتاج أن نتقبل خوفنا و نستمع لصوت الإنسان بداخلنا.
[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى