المحليةالمقالات

(مارتينو) ومعادلات النجاح

[COLOR=#FF001F](مارتينو) ومعادلات النجاح[/COLOR] سلطان الزايدي
[JUSTIFY] في بعض الأحيان يشعر المرء بأنَّ مهمته لم تسر بشكلٍ جيدٍ، وليس هناك حاجةٌ لطلب فرصةٍ جديدةٍ؛ لأنَّه لا يستحقّها. بهذه العبارات المقتضبة بدا “مارتينو” مدرب برشلونة حديثه، الذي كان يتمحور حول اعترافه بالفشل؛ لأنَّه لم يقدِّم مع برشلونة موسماً جيداً، وهذا لا يليق بفريقٍ كبيرٍ كبرشلونة لم يعتد بالظهور بهذا الشكل.

المهمُّ في حديث “مارتينو” بالنسبة لي هو: اعتراف المدرّب بالفشل، وهذا الاعتراف لا أعتقد أنَّه من أجل امتصاص غضب جماهير برشلونة، لسببٍ بسيطٍ هو ثقافة المدرِّب نفسه، فهو يعلم يقيناً أنَّ مَن يشجِّع فريقاً شهيراً وممتعاً مثل برشلونة بالتأكيد سيكون على قدرٍ كبيرٍ من الوعي والإدراك، وملمٍّ بكلِّ التفاصيل الخاصَّة بالأداء الفني داخل الملعب الذي ينعكس إمَّا سلباً أو إيجاباً على نتائج الفريق، وحديثٌ كهذا لن ينطلي عليهم لكسب عاطفتهم تجاهه.

إذاً ما قاله السيد “مارتينو” يعبِّر عن قناعةٍ حقيقيَّةٍ؛ لضعف العمل الذي قدَّمه طوال الموسم مع فريقٍ يحظى بكلِّ أدوات التفوّق كبرشلونة، وفي اعتقادي قلَّة مَن يملكون مثل هذا الفكر على كافَّة المستويات التنفيذيَّة في عالم كرة القدم، وتحديداً في مجتمعاتنا العربيَّة، فالعربيُّ من الصعب أن تجده يقتنع بضعفه في بعض الجوانب الخاصَّة بعمله، وتجده يبحث عن تبريراتٍ من هنا وهناك، يتوارى خلفها حتى لا يُظهر ضعفه وتقصيره في أداء عمله، فالاعترافات بمثل هذه القوَّة ليست موجودةً في ثقافة العربي سوى في المجال الرياضي أو غيره، وهنا يكمن الخلل الحقيقي لبعدنا عن مواقع التفوّق والإتقان العملي في أغلب مناشط الحياة.

هذه الثقافة السائدة عند العرب -والحديث هنا عن كرة القدم- تركت انطباعاً غير جيدٍ عند بعض المدرّبين المنتمين للثقافة الغربيَّة، وقد أحسن البعض منهم استغلال هذا الأمر لمصلحته، إذ لم تترك الخيار لهم بأن يعترفوا بالفشل إذا ما حضروا للملاعب العربيَّة والسعوديَّة على وجه الخصوص، فهم يدركون جيّداً أنَّ اعترافاً كهذا يعني أنَّ مسيرتهم العمليَّة في دول الخليج قد انتهت؛ ليقينهم أنَّ الاعتراف بالفشل ليس في ثقافة العربي، لهذا تجد جلَّ المدربين الأجانب يتَّجه إلى إعطاء نفسه فرصة التفوق، حتى وإن كان فشله واضحاً للعيان من خلال بعض المبررات التي يسوقها للمتابع الرياضي، حتى وإن كان بعضها صحيحاً هي فرصةٌ بالنسبة له، فعندما يخرج مدربٌ بعد إقالته ويقول: أنتم في مسابقاتكم ينقصكم الكثير، وكرة القدم في الدول المتقدّمة مختلفةٌ عنكم، هو هنا يضع نفسه في مأمنٍ من تحمّل المسؤوليَّة وأنَّ ما قدَّمه عملٌ ممتازٌ، اتَّبع فيه كلَّ طرق التدريب الحديثة، لكنَّ الضعف كان في مستوى اللاعب السعودي أو الإمكانيَّات المتاحة لإنجاح عمله الذي قدَّمه للفريق.

وفي النهاية هو يقول بعض الجزئيّات الصحيحة التي تُنسي الجميع أيَّ ضعفٍ فنيٍّ في المدرِّب، لهذا هم يتعاقبون على الدوريات العربيَّة بشكلٍ مستمرٍّ، وهي فرصةٌ مواتيةٌ بالنسبة لهم لكسب المزيد من المال، والغريب أنَّ هؤلاء المدرِّبين لا يسرُّهم أيُّ تقدّمٍ فنيٍّ أو إداريٍّ لأيِّ بلدٍ عربيٍّ في مجال الكرة؛ لأنَّ هذا يعني أنَّ تقدّمهم سينعكس على كلِّ أفكارهم، حينها يستطيعون أن يميّزوا بين المدرّب الجيّد الذي يعمل بجدٍّ ونشاطٍ من المدرّب الضعيف، الذي يتوارى خلف بعض السلبيّات التي يلصقها بالبيئة التدريبيَّة للنادي الذي يدرِّبه، والغريب المخجل في نفس الوقت أنَّه بعد إنهاء عقده يحضر في نفس البلد التي انتقد بيئتها وفي نادٍ آخر، وهذا يعني أنَّه نجح في إيهام البعض أنَّ الخلل ليس في عمله وأداء واجبه بالشكل المطلوب، إنَّما الخلل في نوعيَّة المؤدي والمكان الذي يؤدّي فيه العمل.

في تاريخ كرة القدم السعوديَّة لا أذكر أنَّني سمعت مدرباً أنهي عقده قال: أنا فشلت، لهذا لا أستحق أن أبقى سنةً أخرى، كلُّهم كانوا يردّدون كلماتٍ متشابهةٍ، تتمحور حول الاحتراف والبيئة الرياضيَّة والمسابقات، لم يظهر أحدٌ منهم وقال: لم أكن موفقاً مع هذا الفريق، وكان ينقصني الكثير من العمل حتى أحقق تطلّعات الجماهير، هذا لم يحدث، ولا أظنُّه يحدث في المستقبل طالما أنَّ نفس الأسماء تذهب وتعود بشكلٍ ثابتٍ، وليس صعباً أن تبحث عن أول تصريحٍ لمدرّبٍ حضر للسعوديَّة من بداية التسعينات وتقارنه بمدربٍ أقيل حديثاً، بالتأكيد سنجد تشابهاً كبيراً بين التصريحين رغم تباعد الفترة الزمنيَّة بينهما.

إنَّ المدرِّب الناجح في تصوري مَن يعترف بأخطائه، ويحدّدها بشكلٍ دقيقٍ، ويعمل على تلافيها من خلال المزيد من التدريب والتعلُّم، وهذه النوعيَّة من المدرِّبين يجب أن تُحترم وتُعطى الفرصة مرَّةً أخرى، أمَّا مَن يبحث عن الحجج والأعذار ليخفي ضعفه وتقصيره، لا أظنُّ أنَّه سينجح في يومٍ من الأيام في أيِّ مهمَّةٍ تدريبيَّةٍ على مستوى الدوريات والمسابقات القويَّة.[/JUSTIFY] ودمتم بخير ،،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى