المحليةالمقالات

صالونات ثقافية أم صالونات حلاقة

** قبل أن ابدأ هذه السطور , تعالوا بنا نعود إلى مايو 2006 م .. والى ندوة “الصالونات الثقافية ” التي دعا إليها مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، والتي أقيمت بمكة المكرمة ، لنستعيد جانبا من الضجة التي أثيرت حينذاك حول المسمى “صالون” .. وهو بالطبع مسمى أجنبي [COLOR=deeppink][COLOR=green]SALON[/COLOR][/COLOR] .. بمعنى [COLOR=crimson]هل يصح أن نطلق عن مكان للفكر والثقافة العربية ” صالون أدبي ” ؟ .. أم أن المطلوب هو “منتدى أو ورقات ” مثلا ؟[/COLOR] ..

** ويومها أكد عدد من الأصوات مطالبتهم بتحديد مصطلح ” فصيح ومقبول ” .. بينما اعتبر آخرون بأن المسمى أمر هامشي ، ولا ينبغي إعطاؤه أهمية كبرى على حساب الأولويات , وهو الرأي الذي ذهبت إليه مها فتيحي ” صاحبة صالون المها الأدبي ” فيما قال د . إبراهيم آل مبارك ، بأنه وفقاً لنظرية تداعي الألفاظ في علم النفس فإن كلمة ” صالون ” لا تستدعي إلا كلمة ” حلاقة ” .. وهذا لا يناسب وصف أي نشاط فكري أو ثقافي ؟ .

** نعود لموضوعنا ونقول .. اعتقد أن الصالونات الثقافية السعودية , قد قدمت حتى الآن , الكثير من العطاءات الفكرية المتنوعة دون شك , نقول هذا في الجملة , وحتى لا نبخس الناس أشيائهم , فعدد منها صار نموذجا للوفاء والتكريم لروادنا ومبدعينا الذين خدموا الوطن بإخلاص ، إلى جانب الأدوار الطليعية , التي قدمتها تلك الصالونات في تحقيق التكاملية لمشروع ثقافتنا الوطنية , بعد أن سدت حقيقة ثغرة في الحلقة التوعوية ..
** لكنني من جانب آخر متيقن أن طموحاتنا كمواطنين عموما , وكمهتمين بالشأن الثقافي خصوصا ما زالت أكبر , فنحن نتطلع منها إلى الكثير والكثير , خصوصا وأن عددها قد قارب المئة صالون ( حوالي 80 رجاليا و 16 نسائيا تقريبا ) .. وما نريده في الواقع من تلك الصالونات الثقافية هو المزيد من الطرح الأكثر تحررا من الرسميات , ومن مجرد ” بروتوكولية ” التكريم لهذا أو ذاك من أعلام ورواد المجتمع , نحتاج منها – وخصوصا الكبيرة والعريقة – إلى محاكمات نقدية ممنهجة وصريحة , للمشاريع والرؤى الفكرية , وإلى ضبط التنظيرات والطروحات بمنهجية علمية واضحة .

** وأرى كذلك أن على الصالونات الثقافية الابتعاد عن المجاملات والنرجسيات , والاستعراضات الوجاهية , والى التخفيف من إلقاء الخطب والكلمات الاطرائية لمجرد الإطراء المحض .. والى مناقشة الكثير من قضايا المجتمع , في صدقية ملموسة وضمن مساحة الحرية المتاحة , وإلى إفساح المجال للمداخلات والتناقش من دون انتقائية ، والى حضور المرأة في قلب المشهد الثقافي كضرورة ، ونحتاج إلى التوازن في إدارة الصالون بحيث لا يتم إفساد المتعة المعرفية بالمداخلات والتعليقات , وأخيرا نحتاج من تلك الصالونات , إلى التأسيس الواعي لثقافة الحوار المهمة , في صورتها الحضارية .

** أظن أن الواجب على الصالونات الثقافية , أن يكون همُّها شموليا , تصل مساحته إلى كل المناشط الاجتماعية والحياتية , باعتبار أنها ثقافية , ووعاء الثقافة كما هو معروف أكبر من وعاء من الأدب , وعلى هذا فان مخرجات نشاط الصالون الثقافي يتعين بالبداهة أن يمتد إلى معظم شرائح وأطياف المجتمع , وإلا كانت هذه الصالونات نخبوية وفئوية , وهذا هو الأصل في نظري .. ولكن هذا لا يمنع أن يكون وسط هذا المجموع الكبير من الصالونات عدد قليل يستهدف فئة معينة من المثقفين , لكن دون تمييز طاغ , يشطر الشارع الثقافي , بل يستجيب لهمومه وتطلعاته في نهاية المطاف .

** إن الصالون الثقافي كلما كان عفويا ومضيافا , للعامة دون الخاصة من الناس , كلما اقترب أكثر من أداء مهمته , وبالتالي أوصل رسالته إلى اكبر حزمة من المجموع .. وبقي أن أقول أخيرا أن هذه الصالونات لا تتعارض مع الأندية الأدبية , التي أظن أن عددها وصل الآن إلى 16 ناديا , لكن الصالونات تمتلك جذرا أعمق , فالأندية الأدبية لم تبدأ عندنا , إلا في عام 1395 هـ .. بينما يعود تاريخ أول صالون أو مجالس أدبي عندنا إلى حوالي الربع الأول من القرن الماضي , انطلاقا من المدينة المنورة , إلى أن صرنا اليوم نرى عددا منها , وقد ذاعت شهرتها .. مثل خميسية حمد الجاسر الثقافية , واثنينية عثمان الصالح ، وندوة النخيل للدكتور محمد بن سعد بن حسين ، وأحدية الدكتور راشد المبارك ، وخميسية باجنيد ، وأحدية الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل ، وثلاثية الشيخ محمد المشوح ، وندوة الشيخ سعود المريبض ( بالرياض ) .. واثنينية عبدالمقصود خوجة ، وثلوثية الطيب في ( جدة ) .. وأحدية الشيخ أحمد المبارك واثنينية النعيم ( بالأحساء ) .. واثنينية أبو ملحة في ( أبها ) وغيرها.

بخيت طالع الزهراني

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. صالونات ثقافية أم صالونات حلاقة
    العنوان في حد زاته يعبر عن مقصد عميق للكاتب
    يا بخيت
    اشـــــــكرك جـــــدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى