المحليةالمقالات

أبناؤنا بين نظرية X ونظرية Y

بدءً من اليوم يكون أبناؤنا الطلاب قد دخلوا اختبارات نهاية الفصل الدراسي الأول. وخلال هذا الأسبوع تتغير برامج الكثير من الأسر بل وينقلب بعضها رأسا على عقب، حيث تعلن في كثير من الأسر حالة الطوارئ، لا خروج من المنزل، لا ترفيه، لا تلفزيون، لا زيارات وتتعدد اللاءات. يشارك الأبناء أحيانا في وضع هذه اللاءات وتقييد أنفسهم بها، وفي أحايين أخرى ينفرد بعض الآباء والأمهات بإصدار قراراتهم وما على الأبناء سوى التنفيذ. في أسر أخرى يختلف الوضع فنجد التعامل المعقول مع الضيف الموسمي دون تحميل الأبناء أعباء نفسية أكثر من طاقاتههم.

[COLOR=purple]لطالما فكرت في هذين النسقين من التعامل المتفاوت بين الأسر، مما يقودني إلى استحضار نظريتين متقابلتين في التعامل مع الآخرين: موظفين أو أبناء أو أفراد أسرة…إلخ، وذلك في إطار تحفيزهم لتقديم عطاء جيد. [/COLOR] [COLOR=crimson]سوف أطبق هاتين النظريتين[/COLOR] على واقع أبنائنا الطلاب. واستثمر موسم الاختبارات لاستشهد به مثالا. وفقا للنظرية الأولى ( [COLOR=crimson]X [/COLOR]) يفترض الوالدان في الابن أنه يكره الدراسة ويتجنب المذاكرة. وبناء على ذلك فإنه لا يحب تحمل المسئولية، بل ينتظر التوجيه المباشر من والديه لدفعه إلى المذاكرة، إن أقصى ما يطمح إليه هذا الابن هو تحقيق النجاح واجتياز الاختبار، لذلك يفترض الوالدان في ابنهما أنه لا يبذل من الجهد سوى ما يحقق له الأمان من الرسوب. ومن هذا المنطلق يتصرف الوالدان مع أبنائهم فتصبح الاختبارات هما لا يطاق، وضيفا ثقيلا جاثما على صدور الأبناء وغالبا ما تكون نتائجهم غير متوافقة مع طموحاتهم أو طموحات والديهم، وينتج عن ذلك اللوم والتقريع المستمران للابن فيزداد الفشل في داخله.

في مقابل ذلك نجد هناك من يتصرف مع أبنائه وفقا لنظرية ([COLOR=crimson]Y [/COLOR])، فنراه يفترض في أبنائه التميز وأنهم عادة ما يتفوقون في دراستهم عندما يشعرون بالراحة وحالما يحصلون على قدر من الترفيه، وأنهم يحبون الدراسة ويعشقون المذاكرة، ويشكل لهم الاستمرار في دراستهم مصدر رضا كبير، ولديهم قدرة على تحمل مسئولية دراستهم واستعدادهم لتحقيق التفوق الدراسي فلا يحتاجون إلى توجيه مباشر من أولياء أمورهم.

كلا النموذجين من الوالدين يتفقان على أنهم غيورون على مصلحة أبنائهم، حريصون على نجاحهم وتفوقهم، ويبقى الاختلاف في طريقة التعامل مع الأبناء بناء على قناعات الوالدين ونظرتهم إلى الأبناء. فمن يتبع نظرية ( X ) تجده مترددا في منح الثقة لابنه، ضنينا بمنحه المسئولية التي يحتاجها، مراقبا له في حركاته وسكناته عن قرب وعن بعد، يعبر عن تلك الرؤية بتوجيهاته المباشرة ومتابعاته المستمرة بطريقة شخصية أو باتصالاته الهاتفية مع بعض أعضاء الأسرة من زوج أو زوجة وأمرهم لهم بضرورة متابعة الأبناء وإبلاغه بكل جديد كأن ينصرف أحد منهم للعب أو للهو لساعة مع أخوانه، أو أن يخلد إلى النوم قبل أن يكمل مذاكرته.

في مقابل ذلك نجد الوالدين اللذين يمنحا الثقة والمسئولية لأبنائهما ويعبران عن ذلك بسلوكهما معه سلوكا لفظيا بعبارات التعزيز الإيجابي وألفاظ الثناء والتشجيع وتذكيره بإنجازاته السابقة وتفوقه في مراحل مضت أو في مواد بعينها، كما يحسن التركيز على السلوك غير اللفظي بالترفيه عن الابن ومقابلته بالابتسامة الحانية والتربيت عليه والجلوس معه بعض الوقت وتوجيهه بطريقة تحفظ الاحترام لشخصية الابن وتعزز استعداده لدخول الاختبار بنفسية مرتاحة بعيدا عن التوتر والضغط.

[COLOR=purple]ختاما، لك أخي القارئ أن تضع نفسك في أحد النموذجين، ولا أخالك إلا إيجابيا واثقا من ابنك. وموعدنا في المقال التالي عن تجربة [/COLOR]( [COLOR=crimson]فريدمان [/COLOR]) [COLOR=purple]في التحفيز وبناء السلوك. [/COLOR]

ودعاؤنا لأبنائنا بالتوفيق والسداد، واللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.

[ALIGN=LEFT][COLOR=green]أ. بشيت حمد المطرفي [/COLOR] – نائب رئيس المجلس البلدي بالعاصمة المقدسة
– مدرب مدربين بمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني
– مستشار أسري معتمد من جامعة الملك فيصل بالأحساء
– مستشار معتمد في الحوار الأسري من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني [/ALIGN] [ALIGN=RIGHT][IMG]https://www.makkahnews.sa/image/magal.jpg[/IMG][/ALIGN] [ALIGN=RIGHT][URL=https://www.makkahnews.sa/articles-action-show-id-128.htm]قبلة رغم الخنازير[/URL][/ALIGN]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكراً لك أستاذنا القدير على هذا الطرح الرائع ولكن مع إختلاف طرق التعامل مع الأبناء وطرق علاج مشكلاتهم نرى أن لكل أسرة نمط تربية مختلف عن الأخرى على حسب البيئة التي يعيشونها والظروف الأسرية التي تحيط بهم .. والمقصود هنا أن نجاح أسلوب تعامل معين في أسرة لا يدل بالضرورة على نجاحه في أسرة اخرى مختلفة معها في الظروف والبيئة
    وبإنتظارك سيدي في مقالك التالي عن تجربة ( فريدمان ) في التحفيز وبناء السلوك. لتزيد سعادتي واستفادتي ..

  2. رائع للغاية في ذكر كلا النموذجين للأسرة في مجتمعنا ولو أن الغالب منا يعتمد على نظرية x برغم محدودية النظرة وقصرها إلا أنها لها روجاً أكبر في التربية والتحفيز والتعامل المؤقت مع القضايا الأسرية , أمنيتي أن تنقضي تلك النظرة القاصرة ويتحقق وينتشر حلم Y ..,
    في انتظار جديدك ..,

  3. شكرا على هذا الجهد

    اريد الاستفسار عن سبب تسميتها بنظرية x y

    وارجو الاجابة عن سؤالي
    انا في الاانتظار
    وشكرا.

  4. شكراً لك أستاذنا القدير على هذا الطرح الرائع ولكن مع إختلاف طرق التعامل مع الأبناء وطرق علاج مشكلاتهم نرى أن لكل أسرة نمط تربية مختلف عن الأخرى على حسب البيئة التي يعيشونها والظروف الأسرية التي تحيط بهم .. والمقصود هنا أن نجاح أسلوب تعامل معين في أسرة لا يدل بالضرورة على نجاحه في أسرة اخرى مختلفة معها في الظروف والبيئة
    وبإنتظارك سيدي في مقالك التالي عن تجربة ( فريدمان ) في التحفيز وبناء السلوك. لتزيد سعادتي واستفادتي ..

  5. رائع للغاية في ذكر كلا النموذجين للأسرة في مجتمعنا ولو أن الغالب منا يعتمد على نظرية x برغم محدودية النظرة وقصرها إلا أنها لها روجاً أكبر في التربية والتحفيز والتعامل المؤقت مع القضايا الأسرية , أمنيتي أن تنقضي تلك النظرة القاصرة ويتحقق وينتشر حلم Y ..,
    في انتظار جديدك ..,

  6. شكرا على هذا الجهد

    اريد الاستفسار عن سبب تسميتها بنظرية x y

    وارجو الاجابة عن سؤالي
    انا في الاانتظار
    وشكرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى