[/COLOR]أحمد الزهراني
باحث دكتوراه ـ جامعة ليدز ـ بريطانيا [JUSTIFY]قبل حوالي أسبوع من الآن, طالت يد الغدر والإجرام المبتعثة العفيفة ناهد المانع, في مدينة كولشيستر البريطانية شمال لندن, كانت ناهد تمشي بخطوات متزنة تحمل الثقة والأمل لمستقبل واعد, ترتدي حجابها الذي كان يغطي سائر بدنها, متوجهة إلى جامعتها حيث كانت عادتها كل صباح, ترك مقتلها الكثير من التسائلات والتحليلات, فقد هزت تلك الحادثة الآثمة المجتمع السعودي, وأحدث أيضاً ربكة في الأوساط البريطانية, بدأ الجميع يتداول الخبر عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي, مع تحليل وتعليق على مضمون الخبر, وذلك في محاولة للوصول إلى القاتل, وماهو الدافع الحقيقي وراء عملية القتل, لقد أصبح ذلك التسائل بمثابة لغز لدى المحققين البريطانيين, وانقسم الناس بين من يرى أنه حادث عرضي مثل حوادث القتل التي تحصل في كل مكان بشكل يومي, وبين من يرى أنها عملية عنصرية لكونها محجبة, وهذه تمثل الغالبية العظمى من المتابعين, من الصعب جداً أن نعتبر مقتل المبتعثة ناهد الزيد رحمها الله بمثابة حادثة قتل عرضية, فقد قتلت ظلماً وغدراً في وضح النهار, وعلى قارعة الطريق, لقد وجهت لها ست عشرة طعنة نافذة ومفرقة على جسدها, هذه الطريقة التي قتلت بها ناهد تضع أمامنا الكثير والكثير من علامات الإستفهام، وتجعلنا نرفض وبشدة فرضية أن تكون حادثة قتل عرضية كغيرها من الحوادث, إلا أننا في المقابل لا نستطيع الجزم بأنها حادثه عنصرية دون وجود أي براهين, أو أدلة مادية قطعية تؤكد تلك الفرضيات.
جيمس أتفيلد تلقى 100 طعنه قبل حوالى 100 يوم من مقتل ناهد كانت كفيلة بأن ترديه قتيلاً في نفس المكان الذي قتلت فيه ناهد رحمها الله, ولم يتم العثور حتى الآن على القاتل أو القتلة، جيمس أتفيلد 33 عاماً هو بريطاني الجنسية وأب لخمسة أطفال, يعاني من ضروف صحية ومن إعاقة بدنية حسب المعلومات التي أدلت بها أسرته لدى مركز شرطة إسيكس التي تتابع قضيته.
تناولت بعض وسائل الإعلام قضية ناهد المانع بمهنية وحذر, إلا هناك البعض منهم كانوا يتعمدون الإثارة, وشد القارىء حتى لو كانت معلوماتهم غير دقيقة, علماً بأن أغلب تلك الصحف كانت تستمد أخبارها من مواقع التواصل الإجتماعي التي يشيرون إليها بعبارة ( تناول الجميع على مواقع التواصل الإجتماعي ), ومتى أصبحت هذه المواقع مصدراً للإعلام, فلم نعرف عنها إلا أنها مصدراً للإشاعات و بيئة للسجال, لقد قامت تلك الصحف بتهويل موضوع الحجاب, بل لقد كتب الكثير منهم عنوان لخبره الذي نشره على صحيفته (قتلت لأنها محجبة), وموضوع آخر كان عنوانه ( ربما كان حجابها وعبائتها سبب مقتلها ), وهذا غير منطقي وغير مبرر وكأنها دعوة للبقية لخلع الحجاب كي لاتقتل، هنالك سؤال يجب أن يطرح, لماذا لم يقتل في هذا البلد سوى الأخت ناهد رحمها الله لكونها محجبة مع العلم أن هناك آلاف المبتعثات والمرافقات المحجبات اللاتي سبقنها لم يتعرضن لنفس الشيء, علماً بأن الأبتعاث بدأ لبريطانيا من سبعينات القرن الماضي، بل أن هناك جاليات إسلامية خصوصاً من الجنسيتين الباكستانية والهندية يقيمون هنا منذ أكثر من ستة عقود, وبعض نسائهم يلبسن النقاب والعبائة السوداء, ولم يتم التعرض أو الإسائة لهم بأي حال.
أما عن تعامل الجاليات الإسلامية والعربية المقيمة في بريطانيا مع هذه القضية, فقد إختلف باختلاف تلك الجماعات وتوجهها وميولها, فمن الجماعات الإسلامية المعتدلة رأينا أعداداً كبيرة قامت بدورها الأخوي والإنساني في يوم تأبين ناهد في الجامعة التي كانت تدرس فيها بحضور الملحق الثقافي وعدد غفير من الطلبة السعوديون, لكن في المقابل هناك جماعات أخرى متطرفة تحاول إستغلال قضية مقتل ناهد لحسابها ومصالحها, وتسعى لتوظيفها حسب إيديولوجيات معينة تنطلق من خلالها, مثل تلك الجماعة التي تظاهرت يوم الجمعة الماضي أمام أحد الجوامع, تندد بمقتل ناهد المانع ولكنها تطلق شعارات غريبة, لاتحاكي قضية ناهد, بل كان مطلبها الرئيسي التي كانت تناشد به بعبارة عربية مكسرة ( الشعب يريد دولة إسلامية) “طبعاً هذا يتكلم عن بريطانيا” !.
أحبتي لن يستطيع أحد الجزم بحيثيات القتل ودوافعه وأسبابه حتى تخرج لنا نتائج التحقيقات ويقدم الجاني للعدالة وسوف يحصل ذلك قريباً بإذن الله تعالى, لنترك كل الفرضيات والتكهنات ونشر الإشاعات, المحققون قاموا ولازالوا يقومون بواجبهم الوطني والإنساني تجاه هذه القضية, وهم الذين سوف يجيبون على سؤال هذا المقال, ويمكن متابعة كل مجريات التحقيقات ومشاهدة نتائجه عبر الصفحة التي خصصها مركز شرطة إسيكس على موقعه لقضية “ناهد المانع” خصيصاً لتجنب الإشاعات واخذ المعلومة من مصادرها, وذلك على الرابط التالي :
[url]http://www.essex.police.uk/news_features/homepage_latest_news/murder_enquiry_launched_in_col1.aspx[/url]
كلمة شكر وعرفان: للمبتعثين والمبتعاث في بريطانيا, فقد قدموا أنموذجاً رائعاً في التعامل مع هذه القضية, فقد تعاملوا معها بكل وفاء ونبل, ومن ذلك تبنيهم لوقف ناهد الزيد الذي شمل عدة مقترحات من بينها مركز إسلامي في مدينتها كولشستر , المدينة التي قتلت فيها كي يخلد أسمها, ويكون منبراً للدعوة إلى الحب والخير, والتعريف بعظمة الدين الإسلامي وسماحته, كما أنهم قاموا بتخصيص إفطار في اليوم الأول من أيام شهر رمضان المبارك ,على روحها الطاهرة في كافة مدن المملكة المتحدة من خلال 32 نادياً طلابياً تنفذه وتشرف عليه, ولا يزال لديهم الكثير والكثير من الجمال والوفاء.[/JUSTIFY]
أحمد الزهراني ـ @Ahmed88uk