[JUSTIFY]مشهد مهيب أكتسى به المسجد الحرام – بصورة استثنائية – في رمضان هذا العام حتى يُخيل اليك وأنت في وسط الزحام أو من خلال النظر الى شاشات التلفزة أنك أمام مشهد مصغر من مشاهد يوم القيامة حيث اجتماع الخلائق في مكان واحد لهدف واحد .. وقد أحسنت صنعاً إدارة شؤون المسجد الحرام وإدارة الأمن العام بإرسالهما رسائل توعوية للمواطن والمقيم بعدم الذهاب إلى المسجد الحرام والصلاة في المساجد القريبة حفاظاً على سلامتهم .. وذلك لإمتلاءه بالمعتمرين والمصلين الذين قدموا من كل حدب وصوب – وخاصة في الأيام الأخيرة من رمضان – حيث شهدت تكدساً وحشوداً لم يسبق لها مثيلاً حتى في موسم الحج .. حيث يكون الحجاج متنقلين بين المشاعر المقدسة .. فلا يحدث مثل هذا التكدس في المنطقة المركزية .
والحقيقة أن فتح باب العمرة على مصرعيه ووصول أكثر من ستة ملايين معتمر هذا العام – بزيادة مليون معتمر في رمضان – حسب تصريح وكيل وزارة الحج للعمرة (صحيفة المدينة – 23 رمضان 1435هـ ص 3) خلق الكثير من مشكلات الزحام صحيح أنه قد حقق طموح المستثمرون الذين تطاولوا في البنيان في تشغيل مرافقها وتحققت مصالح اقتصادية كبرى ولكن كان لابد من مراعاة أيضا صحة الإنسان وسلامته وسلامة البيئية.
فحتماً ان التوسعة الجبارة لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – للساحات الشمالية والمطاف قد استوعبت هذه لأعداد المتزايدة من المعتمرين .. ولكن تبقى الطاقة الاستيعابية للمنطقة المركزية عاجزة عن احتواء هذه الأعداد .. حيث حدث تكدساً بشرياً هائلاً والموسم كان صيفا حاراً مما جعل المعتمرون عرضة لانتقال العدوى المرضية والفيروسية جراء التنفس للهواء لغير النقي نتيجة للاحتكاك والالتصاق بالآخرين ..هذا فضلاً عن التعب والإجهاد الذي صادفه المعتمرون للانتقال من مكان لآخر وحتى الوصول للمواقف والسيارات .
ومما زاد المشكلة تعقيداً أيضا إقفال الأبواب الرئيسية للمسجد الحرام عصراً لامتلاء المسجد بالمصلين – على حد قول حراس الأبواب والحساسات الإلكترونية التي تم وضعها – فقد سبب ذلك تكدساً إضافياً في الساحات الخارجية وعدم القدرة للوصول للطوابق العلوية .. التي ربما تستوعب بعض من هذه الأعداد المتزايدة .. الذين بقوا يصارعون الحشود وفيهم كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم يصلوا هناك إلا بشق الأنفس ثم يمنعوا من الدخول للمسجد الحرام..!! قد كانت هناك مشاهد مؤلمة .. وأخرى غير حضارية من شدة التعب والإجهاد .. فترى الناس ملقون في الأرض من هنا وهناك… ومن يستطيع البقاء في المسجد الحرام هو من يأتي صباحاً ويحجز مكانا .. وينام النهار كله ثم يفطر و …. هو وأفراد أسرته ، وفي هذا أيضاً صوراً متنوعة لا توحي بتعظيم هذا البيت .. ولابد من دراستها من إدارة المسجد الحرام .
أما مشروع (النقل الترددي) – والذي أستحدث منذ عدة سنوات- لعدة محطات فلا يزال لا يؤدي دوره بالشكل المطلوب فتأخر الحافلات في بعض المحطات يضاعف من الزحام عند الخروج من المسجد ويزيد من تعب الناس .. وقد استحدثت هذا العام محطة الرصيفة (بعد الهدم والإزالة للعشوائيات) والتي تنقل المعتمرين من وإلى المسجد الحرام .. والركوب من المحطة ميسر وسهل الوصول .. أما العودة فتأخرت الحافلات وانتظر الناس لأكثر من ساعة ونصف وبعدها بدأ الناس في التسرب إلى هنا وهناك.. حيث لم تكن هناك بارقة أمل بالعودة عن طريقها .. والمفروض أن تكون في حالة النقل الترددي حافلة بعد كل خمس أو عشر دقائق عن أكثر تقدير .. وإلا فما الفائدة منها ؟؟
هذا وقد علمنا من بعض رجال المرور أن الحافلات لم تستطع لدخول لشارع أم القرى نتيجة للزحام لأنه نفس الخط الذي تأتي إليه السيارات والدخول للنفق والوصول لتوسعة الملك فهد – رحمه الله تعالى – … مما يعني أن الخطة المرورية لم تكن على المستوى التنظيمي الذي يسمح للحافلات بإعادة المعتمرين .. فإذا أضفنا إلى ذلك اغلاق بعض الأنفاق وعدم وصول السيارات للمنطقة.. لأدركنا حجم المعاناة التي يعانيها المعتمرون والمصلون للعودة إلى منازلهم .
فلماذا يفتح باب العمرة بهذا الكم الهائل في شهر رمضان المبارك ؟ ولماذا لا يكون هناك تحديداً للأعداد كما في موسم الحج ؟؟ لأنه أيضا من حق مواطني المملكة والمقيمين الاعتمار في هذا الشهر الفضيل فأخذ عمرة في رمضان كحجة مع النبي عليه الصلاة والسلام .. وبذلك نحقق المثابة والأمن في البيت الحرام .. للجميع ..[/JUSTIFY]
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،،