المحليةعبدالرحمن سراج منشي

الركب المكي

كان الركب المكي يشكل تقليداً سنوياً يطوي المسافات بين مكه والمدينه وكان غالبا ماينطلق من مكه خلال شهري ربيع الأول ورجب لزيارة المسجد النبوي بينما كان الركب المدني يسير الى العمرة في نفس الفترة ..

لم يكن للركب بداية محدوده ولكن نهايته سجلت منذ أربعين عاماً وقد انتهى الركب قبل التفكير في تطويره وتكييفه نظراً لما نعيشه من تطور سريع ولكنه ظل عالقاً في الأذهان يذّكر أصحابه من أجدادنا بالأيام الخوالي من أجل زيارة المدينه المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم.

لقد تبلورت بداية الركب من خلال عادات الحجازيين في مكة المكرمة فقد كانوا يستقطعون الحجارة من الجبال لبناء البيوت وكانوا يحملونها على الدواب ومن أشهرها (الحمير) لذا فقد كانوا يملكون العشرات منها فإذا رغبوا بزيارة المسجد النبوي استخدموا تلك الدواب وينطلقوا عليها الى هناك في رحلة واحدة ..

بدأ الركب بالعوام لكن الظروف دعت الى مشاركة بعض العلماء والمثقفين والوعاظ والمنشدين والحداؤن والمؤذنون وأئمة المساجد فتحول الركب الى جمهرة ثقافية تسير في موكب من مكة الى المدينة.

الإعداد النفسي والروحاني للركب :

كان (المزهدون) يزهدون الناس في الدنيا ويدعونهم الى الزيارة فيجتمع من رغب منهم في مكان معروف بعد التنعيم ودون الجعرانة فبعضهم ينضم الى الركب العام وفيه الجمال والبغال والخيول والبعض الآخر ينضم الى الركب الخاص الذي يسير على الحمير.

كانت الإجتماعات تنعقد في كل ليلة من بعد صلاة العشاء في رحبات قريبة من المسجد الحرام وفي هذه الإجتماعات يتم الترغيب في الزيارة بالمدائح النبوية واستذكار سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتنشد بأصوات ندية يؤديها أرباب الأصوات الحسنة.

إعداد الراحلة:
يبدأ الراغبون في الزيارة في إعداد دوابهم من الحمير, فكانوا يعمدون الى الحمير اليمانية لكنهم وجدوها قصيرة لا تنفع الا في نقل الأحجار عبر الجبال والمرتفعات فزهدوا فيها الى الحمير الحساوية التي كانت أكبر حجماً وأكثر تحملاً وكانت تباع في حراج الحمير الذي ينعقد يومياً في شعب عامر ببرحة الرشيدي ..

كانت الحمير تعلف بالشعير و (التفله) كي تكتنز أكفالها فتزداد ضخامة وقوة ثم تزين بالأصبغة والحناء بأشكال جميلة كما توشى بالقلائد والأقمشة الملونة حتى تغدو جذابة في مظهرها.
rrfrtا أصبح الركب عادة استحكمت في المجتمع المكي عمد رجال الركب الى شراء الحمير أو استئجارها , فما يستأجر منها يترك لمالكه ليعلفه ويسوسه وما كان مملوكاً فإن المالك يقوم بدفعه للسائس الذي يتولى العناية به عند اقتراب موعد الزيارة فيزينه ويأخذه الى القصاص ليزين شعره بأشكال جميله ثم يسير به الى واحدة من المراغات بمكة المكرمة فيدع الحمار يتمرغ فيها بينما صاحبه ينتظر بأحد المقاهي التي تطوق المراغات.

والمراغة هي مساحة من الأرض مغطاة بالرمال النظيفة يؤتى بالدواب إليها فتتمرغ في صعيدها, ومن أشهر المراغات بمكة هي مراغة حي الغزة وكانت أمام بيوت الأشراف ومراغة حارة الباب على الطريق المؤدي الى ريع الرسام . كما كانوا يطلقون على تلك الدواب الأسماء الجميله وينعتونها بالصفات الحسنه لإختصاصها بتلك الرحلة العظيمة لزيارة المسجد النبوي وقبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

منقول بإيجاز (منتديات مكاوي)

عبدالرحمن سراج منشي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى