المحليةالمقالاتعبدالله احمد الزهراني

مجـاعة في رحم الترف

[frame=”19 100″][SIZE=2] [COLOR=crimson][ALIGN=JUSTIFY]مجـاعة في رحم الترف[/COLOR]

قيل لشيخ – من المتقدمين- فانٍ هَرِِم تقدمت به السن: ماذا بقي من لذاتك فقال : سماع العجائب .
ولئن كان سماع العجائب في القديم من المُتع لندرتها؛ فإنه لن يعييك أن تجد من الأقاصيص – اليوم- ما تَحْبل منه الآذان، لضخامة الوارد كثرة وسخفاً وعجباً، في زمن ثقافة (الهمبرجر) والسرعة التي لم تكن في أسلافنا.
ولأجل ذلك التسارع المحموم تولد في حياة الناس ما لا يحصى من المواقف ، والمشكلات النفسية والاجتماعية، وبذلك –أيضاً-كثرت: العجائب والمفارقات والمضحكات تارة والمبكيات تارة أخرى.

[COLOR=crimson]ولذلك أخي الكريم تكثر العجائب حتى تجد ترفاً في رحم المجاعة.. ومجاعةً في رحم الترف.[/COLOR]

– لم يعد نادراً أن تجد رجلاً ناء كاهله بالشهادات تارة، وبالمناصب أخرى لكنه عري عن كل معنى سام وجميل في معاملته مع الناس، بل ربما احتفل بكل معلومة إلا التي تقربه من الله وكم هي مجاعة فكرية في رحم ركام معلومات أن تجد ذلك الصنف من الناس .

– إن المجاعة قد تكون على وجهها مجاعة لقمة لا يجدها جمهور عريض ممن يعيشون في ظلال بعض ناطحات السحاب في الوطن الإسلامي فلم يعد سرا أن الفرد في الوطن الإسلامي أعلى مستوى دخل في العالم وفي الوقت نفسه يعيش أكثر من 70% منه تحت خط الفقر!! أليس هذا مجاعة في رحم الترف!!؟

– ألست تراها مجاعة تلك العلاقة الباردة بين زوجين يجمعهما سقف واحد بل وطموح واحد لبناء أسرة سعيدة وتربية أطفال كأحسن ما تكون البيوتات من الاستقرار النفسي والعاطفي .ثم- ويا ويلي مما بعد ثم- تراهما يخرجان لعملهما أحدهما أوكلاهما بلا أي وداع ذي معنى يجعل الطرف الآخر ينتظر موعد العودة لعش الزوجية، واهاً كم تتعالى قهقهات ذلك الرجل الواجم قبل قليل حين يجالس أصحابه وخلانه في العمل أو في الاستراحة وهي أيضاً كم تبدوا حية نضرة توزع الابتسامات وتفترع النَّكات، ولكن بين صويحباتها، في المناسبة الفلانية، أو عصرية الجارات، أو زميلات العمل، إن هذين الزوجين أغنياء بالحيوية والحب؛ ولكن لأجل أن يبذلا كل ذلك لغير بعضهما!.. ألا ترى ذلك مجاعةً مضنيةً في رحم ترف عظيم في وكر الزوجية؟!!

– الست تراها مجاعة في رحم الترف حال ذلك الأخ المسلم وتلك الأخت المسلمة الذين أكرمهما الله تعالى بمجاورة بيته الحرام ثم يمر عليهم الأيام بل والأسابيع ولا أريد أن أقول والشهور ولم يروو ظمأهم في ساحة الكعبة المشرفة، ولم يشبعوا نفوسهم من أفياء المسجد الحرام، ولم يقطعوا لحظات من ليلهم في تهجد والكعبة بين أعينهم.ولم تختلف أقداهم في الطواف ولم ينيروا أفئدتهم في تقبيل الحجر الأسود ولم يسكبوا عبراتهم عند الملتزم.

[COLOR=royalblue][COLOR=crimson]إن ساكنًا لمكة[/COLOR] لم تحمله الغيرة على نفسه أن يفد الناس من أقاصي الدنيا ليسكبوا عبراتهم عند الحطيم وفي تضاعيف طوافهم ثم لا يحمله ذلك على المسابقة في اهتبال فرصة الجوار إنه لمحروم يعيش في مجاعة متعة النفس.. إنها مجاعة نفس وظمأ روح في رحم البلد الحرام المشبع بالآيات البينات؟![/COLOR]

– ومجاعة في رحم ترف عريض؛ أن تجد ذلك المعلم الحنون العطوف على طلابه ، وتلك المعلمة الرحيمة على بنياتها الطالبات في المدرسة إذا رجع كلٌ لداره وجم أهل البيت. لا لشيء إلا لأن الضابط الجّان قد دخل المنزل. وتلك السَّجانة القاهرة قد حلت على الميدان أليس أهل البيت أولى بتلك الوداعة وذلك الحنو.
أليس هذا أيها القارئ الكريم مجاعةً في رحم ترف عريض؟!!

لست قاصداً أن ألفت نظرك للفيف المجاعات التي نعيشها، ولا لسنين القحط والجدب التي نجتهد في استدامة مواسمها في ربوعنا، ولكني أردت أن أقول : إننا نملك في دواخلنا و ذواتنا ومشاعرنا وفي ما منحنا الله من جوار بيته العتيق كنوزاً عظيمةً لو صرفناها في مكانها الصحيح لعشنا ترفاً عاطفياً واستقراراً نفسياً لا مثيل له بين كل أمم الأرض .
وذلك من مظاهر عدل الله فينا فقد منحنا كل ما يمكن أن نسعد به فله الحمد والمنة

[COLOR=green]عبدالله الطارقي
عضو الرابطة العالمية لعلماء النفس المسلمين
عضو الجمعية السعودية للطب النفسي
عضو جمعية علم النفس الأردنيةJPA [/ALIGN][/SIZE][/COLOR] [ALIGN=RIGHT][IMG]https://www.makkahnews.sa/image/magal.jpg[/IMG][/ALIGN] [ALIGN=RIGHT][URL=https://www.makkahnews.sa/articles-action-show-id-13.htm]غربة ضمير[/URL][/ALIGN] [/frame]

تعليق واحد

  1. يشرع لك أيها الطارقي أن تحلق في سماءات الإبداع بحقائق ماتنثره في ثنايا أطروحاتك المميزة ولكم تذكرت بك ماقال القائل :

    من تمام الصدق . . الإخبار بما تحمله العقول

    وصحيح أنك لست بشاعر لكنك طبيب المشاعر

    شكراً لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى