المحليةالمقالات

الفزعة … ياجماعة

[ALIGN=RIGHT]الفزعة … ياجماعة [/ALIGN]

يقصد بمصطلح الفزعة؛ ذلك النظام التعاوني القديم في المجتمعات القروية والبدوية، والذي يتلخص في وقوف أفراد العشيرة مع بعضهم البعض ؛ في أمورهم الحياتية، وشؤونهم الاجتماعية.
كان الناس قديماً كالجسد الواحد ، تجمعهم روح الأخوة ، ويضمهم لباس الألفة ، ويربطهم رباط المودة ، يهب الجميع عند نداء المحتاج، باذلين له الجهد والوقت والمال، وهم يقفون معه كفريق واحد، وعلى قلب رجل واحد، ينجزون في يوم واحد؛ ما لا يستطيع الفرد إنجازه في شهر.
كانوا يتعاونون على بناء المنازل وتسقيفها، وعند فتح الطرقات أو توسعتها ، وعند ري المزارع، وحصاد المحاصيل ،وجني الثمار، حيث كانوا يحصدون محصول فلان من الناس اليوم؛ ثم بعده يحصدون محصول جاره….

يقوم نظام الفزعة؛ على الاستفادة من تجارب العقول،وتجمع الأيادي، واتحاد القوى، وتوفير الآلات والمعدات التي يحتاجونها في العمل المطلوب تنفيذه.
كان الرجال يتسابقون في تلبية النداء ،وتقديم المساندة، وبذل المساعدة ؛ بروح طيبة منشرحة مقدامة ، كما تفزع النساء والأطفال إلى المشاركة، وكلٌّ يساهم في أداء ما يناسبه من أدوار ، وما يمكنه من أعمال .
وللفزّاعة حين مشاركتهم ؛ أهازيج جميلة ، ذات ألحان شجية، لها كلمات مثيرة للحماس ،وباعثة على البهجة والسرور، والفرح والتسلية.
كان المفازع يقوم بتقديم وجبة أو وجبات طعام للمشاركين، وكلما كان دأبه تقديم طعام جيد ؛ كلما تسابق القوم في إنجاز طلباته، وتحقيق مبتغاه .
وقد حرص الناس قديماً على مقاطعة من يخالف هذا التنظيم، فيتركونه لوحده، ولا يستجيبون لندائه ، حتى يثوب إلى رشده ، ويقف مع أفراد جماعته في صفهم، ويشاركهم في قضاء أمورهم، وتلبية شؤونهم.

أما اليوم فقد افتقد الناس فيما بينهم الوصال، وضعف الاتصال، وانخفض التكاتف، واختل التراحم، واضطرب التلاحم, لأن بعضهم يظن أن المال يغنيهم، وأن العمالة تكفيهم ، وأن النجدة وتلبية الاستغاثة من شؤون السلطة ، ولعلهم غفلوا عن توجيهات موجه البشرية عليه الصلاة والسلام: (إن يد الله مع الجماعة)، (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) .
فهل سنعود في عصرنا هذا إلى منهج التكاتف بين القلوب والنفوس، وإلى نظام التكافل في السراء والضراء، حتى نشعر أننا كجسد واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سار الجسد بالحمى والسهر!!! .

[ALIGN=LEFT][COLOR=crimson]د.عبدالله سافر الغامدي[/COLOR]جده[/ALIGN]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى