المحليةحمد الكنتي

عرفات .. المحبة والقربات‎

عرفات .. المحبة والقربات‎
كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي

[JUSTIFY]على صعيد عرفات الكل مكتس بالبياض , هنا لا فرق بين أعجمي وعربي , هنا الأسود والأبيض سواء , هنا أغنى الأغنياء وأتعس الفقراء , هنا الذكر والأنثى , هنا الصغير والكبير , هنا الملبس واحد لا فرق بين الجميع .

الكل هنا في عرفات جاءوا ليبلوا نداء واحدا يتجدد كل عام , قال تعالى مخاطبا نبيه إبراهيم عليه السلام ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )

من كل البقاع أتوا , ومن كل الأماكن اقبلوا , وبكل الأسباب ارتحلوا , جوا وبرا وبحرا , والبغية واحدة , والرغبة سامية , انه حج بيت الله الحرام أمنية البشر مذ أن وجد الأنام .

إبراهيم عليه السلام نادى , فتعطرت المسامع بالنداء , وأشرقت القلوب بالعطاء , وتتوقت النفوس للسخاء , وكتب الله لهم الحج فكان في عرفات اللقاء .

عرفات قصة ايمانية يحكيها التاريخ للأجيال , ويرويها الأجداد للأحفاد , فبعد عرفات يلقب حسن بالحاج حسن , وبعد عرفات تنادى مريم بالحاجة مريم .. عرفات وسام , هي تاج يوضع على رؤوس الحجاج , ليعودوا إلى بلدانهم حاملين الفرح , مغتسلين من الذنوب والخطايا , يعودوا وقد وضعوا لبنة كبرى في بناء تاريخهم المجيد .

عرفات رحلة تعايش عالمية , فعلى صعيدها يجتمع المسلمين بشتى مذاهبهم فتجد الحنبلي والحنفي والمالكي والشافعي , وبشتى فرقهم فتجد الصوفي والسني والشيعي والسلفي وغيرها من مسميات تتصارع طوال العام لتجتمع على صعيد عرفات , فمن قال لكم أننا لا نتعايش ..! ها هي عرفات تجمعهم وها هي الفرحة تعلوهم , والحب يشع بينهم , والملائكة تحفهم في مؤتمر عرفات الأكبر , الذي يشهده الله بجلالة قدره , والملائكة أجمعين , فيقول الله يقول مفاخرا ( انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا أشهدكم أني قد غفرت لهم ) .

يا الله .. ماذا يريد الحجاج بعد هذا , يا رباه أي كرم تفيض به عليهم , وأي حظ هم ينالوه , هي لحظات إيمانية لا توصف , وعبرات باكية تنهمر من عيون الحجيج .

عرفات قصة ايمانية باكية ، بالحب زاكية ، وبالشوق نامية , ففيها الرحمات تتنزل من جلالة الرب , والعبرات تسكبها العيون في ابتهالات رائعة لا ولن ترى إلا في قلب عرفات .

عرفات فيها نتعايش , وبها نتعاهد أن لا نفترق , فهي الحب وهي الود وهي الحياة .. يومها عظيم , ووقتها كريم , والله يحبها وقد اختارها لهم , واختارهم لها ، فجاءوا من بعيد يزفهم الشوق الفريد , والحب العتيق , والروح المتجددة , ليجتمعوا في عرفات منبع التجديد , ويعودوا وقد خرجوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم , وقد تخلصوا من كل الذنوب

يعودوا إلى أوطانهم حاملين الحب والسلام , والشوق والوئام , ويعودوا من عرفات جنة الدنيا , إلى حضن الأهل والخلان .[/JUSTIFY]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى