الثلاثاء 4 /11 / 2014 [CENTER][IMG]https://www.makkahnews.sa/contents/myuppic/0545823a2459e7.jpg[/IMG][/CENTER]
[JUSTIFY]في أم القري في عام 1369 هجرية الموافق 1949 ميلادية ونحن لانزال ضعار السن نتعلم في الكتاتيب المنتشرة في مدن الحجاز آنذاك ثم في المدارس الإبتدائية الحديثة النشأة ، إذا وجدنا وقتا ذهب بنا الأباء الي الحرم لتعودينا العبادة صلاةً وطوافاً وليمروا بنا علي مجالس العلم أي حلقات الدروس في الحرم المكي الجامعة ، تهيئة لنا أن ننظم اليها فيما بعد ، وكان يبهرنا منظر الشيخ المعمم وتلاميذه المحيطون بمقعده سواءً جلس علي كرسي عال ليراه الجميع أم كان يجلس بينهم مستنداً الي إحدي صواري المسجد الحرام وإذا عدنا إلي منازلنا قلدناهم وإذا أجتمعنا للعب كان من الشيخ وتلاميذه.
وكان الحرم المكي يعج بتلك الحلقات علماؤها رجال علم امضوا العمر في تحصيله ، فاذا تفوقوا فيه وشهد لأحدهم العلماء أنه استحق أن يكون معلم حلقة في المسجد الحرام خصصوا له كرسياً وحضروا له أول دروسه تشجيعاً ، وكانوا يعلمون كل العلوم الدينية والعربية وعلم المنطق والحساب وبعض علم الهندسة ، وكانوا يدرسون المذاهب الأربعة في الفقه بل وكان في الماضي كرسياً لمن يعلّم المذهب الجعفري.
ولما أرتقينا إلي المدارس المتوسطة ( الإعدادية ) والثانوية سعي كثير منا للإنضمام إلي تلك الحلقات بعد أن ينصرف من المدرسة ويحضر دروس العلماء في المساء ، ولما التحقنا بكلية الشريعة أستمر حضورنا لدروس تلك الحلقات ، وحتي عندما رحلت تلك الحلقات لبيوت العلماء لإختلاف بينهم وبين الإدارة المشرفة علي الحرم آنذاك واصلنا التتلمذ علي هؤلاء العلماء ، وما سمعنا منهم قط هذه الردود المليئة بالشتم للمخالف أو تبديعه أو تفسيقه ، بل عندما يذكرون مذهب المخالف لمذاهبه ينعتوهم بالسادة ويطرحون خلافهم معهم باديئين بمذهب المخالف ، ولم يتنقصوه أو يشتموه ، بل كانوا دعاة التسامح ، يذكرون الصواب ويدعون اليه ولايحكمون علي مخالفهم بأي شبء ينتقص منه.
ولم نتذكر قط ممن تحلقوا معنا حول أولئك العلماء قد خرج علي الناس بسلاح أو كفرهم أو بدعهم وفسقهم ، بل تعلمنا منهم أن صاحب البدعة اذا كان مشهورا بالصدق نقبل روايته ألا أن تكون بدعته مخرجة من الملة ، أي كفرا صراحاً ، ثم درسنا علي يد العلماء الأزهرين الذين توافدوا علي بلادنا في وقت مبكر ومدرستهم العلمية تشبه مدرسة علمائنا المكيين ، ففزنا بالعلم الذي راعي الوسطية في الدين وحارب الغلو فيه ، فحملنا علماً عنهم بنفس المنهج راجين أن يكون ما ببثناه لطلابنا منه هداهم الي الحق دون تعصب أو تشدد ، فقد ظللنا العمر كله ندعو للوسطية والإعتدال وقبول الحق ولعلهم أستفادوا مما طرحناه لهم أثناء دروسنا ولانزال أن كان في العمر بقية والله وحده هو الهادي الي سبيل الحق .
[/JUSTIFY]